فيهم الثقلين : كتاب الله ، وعترته أهل بيته ، دليلين في الظلمة ، قائدين إلى الرحمة .
وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضه بعضاً ، قال الله تعالى : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) (١) وفيه ما يجلو العمى ، ويدعو إلى الهدى ، وإن كان لا ينطق بلسانه ، ولا يحكم ببيانه ، ولا يذكر ما فيه ، ولا يظهر ما في مطاويه ، إلّا بدليل ناطق ، ومقر (٢) صادق ، والدليل على أحكامه من جعله النبيّ (ص) له قريناً ، ونصبه عليهم أميناً بقوله : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» (٣) . فهما قرينان متّفقان ، وصاحبان لا يفترقان .
وقد جعل عندهم بيانه ، وعليهم أنزل قرآنه ، ومنهم ظهر برهانه ، قال الله تعالى : ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٤)
وقد دلّ الكتاب على أنّهم المعصومون من الزلل ، المأمونون من الخطل (٥) ، بقوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
___________________
(١) سورة النساء / الآية : ٨٢ .
(٢) في ر ، ص : مقرر .
(٣) هذا حديث صحيح ، ثابت ، مشهور متواتر عن رسول الله (ص) أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم بطرق كثيرة صحيحة : أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ٣ : ١٤ ، ٢٦ ، ٥٩ ، و ٤ : ٣٧١ ، و ٥ : ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٩ ، وفي كتابه فضائل الصحابة ٢ : ٥٨٥ / ٩٩ عن أبي سعيد الخدري ، ٢ / ٦٠٣ / ١٠٣٢ ومسلم في صحيحه رقم ٢٤٠٨ مع اختلاف فيه ، وفي كمال الدين : ٢٤٠ والتستري في إحقاق الحق ٩ : ٣٠٩ ، والفيروز آبادي في فضائل الخامسة من الصحاح الستة ٢ : ٥٢ ، وكتاب عبقات الأنوار حديث الثقلين .
(٤) سورة يونس / الآية : ٣٥ .
(٥) في ، ص : الخطأ .