بمنزلة الجنين في بطن أمّه من قبل نفخ الروح فيه ، فجعلنا في النطفة عشرين ديناراً ، وفي العلقة عشرين ديناراً ، وفي المضغة عشرين ديناراً ، وفي اللحم عشرين ديناراً ، وفي تمام الخلق عشرين ديناراً ، فلو نفخ فيه الروح لألزمناه ألف دينار ، على أن لا يأخذ ورثة الميت منها شيئاً ، بل يتصدق بها عنه ، أو يحجّ ، أو يغزى بها ، لأنّها أصابته في جسمه بعد الموت» .
قال أبو جعفر فمضيت من فوري إلى الخان وحملت المال والمتاع إليه ، وأقمت معه وحج في تلك السنة فخرجت في جملته (١) معادلاً (٢) له في عماريّته (٣) في ذهابي يوماً وفي عماريّة أبيه يوماً ، ورجعت إلى خراسان فاستقبلني الناس ، وشطيطة من جملتهم ، فسلّموا عليَّ ، فأقبلت عليها من بينهم وأخبرتها بحضرتهم بما جرى ، ودفعت إليها الشقة والدراهم ، وكادت تنشق مرارتها من الفرح ، ولم يدخل إلى المدينة من الشيعة إلَّا حاسد أو متأسف على منزلتها ودفعت الجزء إليهم ، ففتحوا الخواتيم ، فوجدوا الجوابات تحت مسائلهم .
وأقامت شطيطة تسعة عشر يوماً ، وماتت رحمها الله ، فتزاحمت الشيعة على الصلاة عليها ، فرأيت أبا الحسن عليه السلام على نجيب ، فنزل عنه وأخذ بخطامه ، ووقف يصلّي عليها مع القوم ، وحضر نزولها إلى قبرها ونثر (٤) في قبرها من تراب قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، فلما فرغ من أمرها ركب البعير وألوى برأسه نحو البرية ، وقال : «عرّف أصحابك واقرأهم عنّي السلام ، وقل لهم : إنّني ومن جرى مجراي من أهل البيت لا بد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد
___________________
(١) الجملة : الجماعة «لسان العرب ـ جمل ـ ١١ : ١٢٨» .
(٢) معادلاً له : أي راكباً معه «لسان العرب ـ عدل ـ ١١ : ٤٣٢» .
(٣) العَمَاريّة : هودج يجلس فيه .
«راجع محيط المحيط ـ عمر ـ ٦٣٢» .
(٤) في ص : طرح .