فإذا هو في بيت يصلّي ، فلمّا أحسّ بي خفف صلاته ، فسلّمت عليه ، ثمّ جئت إلى موضع سجوده فقبّلته وقلت : يا سيدي أنت الداعي المطاع ، وأنا من رعيتك ، فأخرجت خاتمي وجعلته في أصبعه وقلت : مرني بأمرك انتهى إلى ما تأمرني به ، والله إنّه لو فعل لفعلت ، ولكن لعن الله حمزة ومحمداً ابني جعفر فإنّهما قتلاه ، والله ما فعلت ولا أمرت ولا دسست ، وقد أمرت بقاتليه فقتلا سرّاً . ثمّ بكى . وأبكاني ؛ وكان حمزة ومحمد من بني العباس .
٤١٦ / ٣ ـ عن أبي هاشم الجعفري ، قال : لمّا بعث المأمون رجاء بن الضحّاك لحمل أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة إلى خراسان حمله على طريق الأهواز ، ولم يمرّ به على طريق العراق والكوفة ، وكنت بالشرق من إيذج فبلغني ذلك ، فسرت فلقيته وقد نزل به الرجاء بن الضحاك الأهواز ، فسلّمت عليه وتعرفت إليه وانتسبت ، وذلك أول لقائي به وصحبتي إيّاه ، فقال خيراً كثيراً ، ورأيته قليلاً ، وذلك زمن القيظ في الصيف ، فقلت : يا سيدي وابن ساداتي ، ما تجشم بك هذا الصيف ؟ فقال : «هيهات يا أبا هاشم ، ولكن ادع لي طبيباً من أطباء هذه البلاد ، أنعت له بقلة ها هنا عسى أن يعرفها» .
فأتيته بطبيب ، فنعت له بقلة فقال له الطبيب : لا أعرف على وجه الأرض أحداً يعرف اسمها غيرك ، فمن أين عرفتها ؟ وليست في هذه الأوطان ، ولا في هذا الأوان ، ولا في هذا الزمان !
قال : «فابغ لي قصب السّكّر» فقال الطبيب : هذا أدنى من الأول ، ما هذا بزمان قصب السكّر ، ولا يكون إلّا في الشتاء .
قال : فقال له عليه السلام : «بل هما في أرضكم هذه ، وزمانكم هذا ، وهذا معك فأمضيا إلى شاذروان الماء فاعبراه فيرجع لكما
___________________
٣ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٦٦١ / ٤ .