قاضي الزمان ، فالتَمسوا منه أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، ووعدوه بأموال نفيسة ، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار يوماً ، فأجابهم إلى ذلك .
فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه ، وحضر يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست ويجعل فيه مسورتان ففعل ذلك ، وجلس المأمون في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام ، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه فقال للمأمون : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر بن علي ؟ فقال له المأمون : استأذنه في ذلك . فأقبل إليه يحيى بن أكثم فقال له : أتأذن لي ، جعلت فداك في مسألة ؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام : «سل إن شئت»
قال : ما تقول في محرم قتل صيداً ؟ فقال له أبو جعفر : «قتله في حل أو حرم ؟ عالماً كان المحرم أم جاهلاً ؟ قتله عمداً أو خطأً ؟ حرّاً كان المحرم أم عبداً ؟ صغيراً كان المحرم أم كبيراً ؟ مبتدئاً بالقتل كان أم معيداً ؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها ؟ من صغار الصيد أم من كبارها ؟ مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟ في الليل كان قتله أو نهاراً ؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج محرماً ؟» .
فتحيّر يحيى بن أكثم ، وبان في وجهه العجز والانقطاع ، وتلجلج حتّى عرف جماعة من أهل المجلس عجزه ، فقال المأمون : الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق والرأي ، ثمّ نظر إلى أهل بيته فقال لهم : أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟
فلمّا تفرّق القوم وبقي الخاصّة قال المأمون لأبي جعفر عليه السلام : إن رأيت ، جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصّلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستفيده ،
فقال أبو جعفر عليه السلام : «نعم ، إنّ
المحرم إذا قتل صيداً في الحل وكان الصيّد من ذوات الطير ، وكان من كبارها فعليه شاة ، فإن