يدهدهوني منه ويدفنوني فيه ؟ قالوا : بلى ، أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل ودفناه في القبر ، أتحرر نفسك فتكون لقبر رسول الله (ص) خادماً ؟ قلت : بلى والله . فمضوا إليه ـ يعني الحاجب ـ فتناولوه وجرّوه وهو يستغيث ولا يسمع به أصحابه ولا يشعرون به ، ثمّ صعدوا به إلى الجبل ودهدهوه منه ، فلم يصل إلى الأرض حتّى تقطَّعت أوصاله ، فجاء أصحابه وضجّوا عليه بالبكاء واشتغلوا عنّي ، فقمت وتناولني العشرة ، فطاروا بي إليك في هذه الساعة ، وهم وقوف ينتظرونني ليمضوا بي إلى قبر رسول الله (ص) لأكون خادماً . ومضى .
فجاء الرجل إلى علي بن محمّد عليه السلام فأخبره ، ثمّ لم يلبث إلّا قليلاً حتّى جاء الخبر بأنّ قوماً أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل فدفنه أصحابه في ذلك القبر ، وهرب ذلك الرجل الذي كان أراد أن يدفنه في ذلك القبر ، فجعل علي بن محمد عليه السلام يقول للرجل : «إنهم لا يعلمون ما نعلم» ويضحك .
٤٨٦ / ٤ ـ عن أبي الهيثم عبد الله بن عبد الرحمن الصالحي ، قال : إن أبا هاشم الجعفري شكا إلى مولانا أبي الحسن عليه السلام ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عندنا إلى بغداد ، فقال له : ادع الله تعالى يا سيدي ، فإنّي لا أستطيع ركوب الماء خوف الإِصعاد (١) والإِبطاء عنك ، فسرت إليك على الظهر ومالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه ، فادع الله تعالى أن يقويني على زيارتك ، على وجه الأرض ، فقال : «قوّاك الله يا أبا هاشم ، وقوّى برذونك» .
___________________
٤ ـ الخرائج والجرائح ٢ : ٦٧٢ / ١ ، مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٤٠٩ ، إعلام الورىٰ : ٣٤٤ .
(١) الإِصعاد : أي الارتفاع لأن نهر دجلة ينحدر إلى بغداد ، لذا تسير السفينة بالاتجاه المعاكس لانحدار النهر .