محمّد بن النضر ، وأبو جعفر بن محمّد بن علوية قالوا : كان بأصفهان رجل يقال له : عبد الرحمن ، وكان شيعياً ، قيل له : ما السبب الذي أوجب عليك القول بإمامة عليّ النقي عليه السلام دون غيره من أهل زمانه ؟ .
قال : شاهدت ما أوجب ذلك عليّ ، وذلك أنّي كنت رجلاً فقيراً وكان لي لسان وجرأة ، فأخرجني أهل أصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلى باب المتوكل متظلمين ، فأتينا باب المتوكل يوماً ، إذ خرج الأمر بإحضار علي بن محمد النقي عليه السلام ، بعض من حضر : من هذا الرجل الذي أمر بإحضاره ؟ فقيل : هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته ، (ثمّ قيل : ويقدّر أنّ المتوكل يحضره للقتل) (١) . فقلت : لا أبرح من ها هنا حتّى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو .
قال : فأقبل راكباً ، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفّين ، ينظرون إليه ، فلمّا رأيته وقع حبّه في قلبي ، فجعلت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شرّ المتوكّل ، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته ، لا ينظر يمنة ولا يسرة ، وأنا دائم الدُّعاء له .
فلمّا صار إليَّ أقبل بوجهه عليَّ وقال : «قد استجاب الله دعاءك ، وطوّل عمرك ، وكثر مالك وولدك» . فارتعدت ووقفت بين أصحابي يسألوني وهم يقولون : ما شأنك ؟! فقلت : خيراً ، ولم أخبرهم بذلك .
فانصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان ، ففتح الله عليّ وجوهاً من المال حتّى اليوم ، أغلق بابي على مائة ألف ألف درهم ، سوى مالي خارج الدار ، ورزقت عشرة من الأولاد ، وقد بلغت الآن من العمر نيفاً وسبعين سنة ، وأنا أقول بإمامة هذا الذي علم ما في قلبي واستجاب الله دعاءه فيَّ .
___________________
(١) في «م» : أمر المتوكل بحضوره .