سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منّاً وربع ، فأتت على ذلك مدة قبض انتهاها لذلك الغزل سارقاً ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّاً ونصفاً من غزل أول ممّا كان دفعه إليه ، فاتخذ من ذلك ثوباً كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه» .
فلمّا فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة .
ثمّ أخرج صرّة أخرى فقال الغلام عليه السلام : «هذا لفلان بن فلان ، من محلّة كذا ، وهو يشتمل على خمسين ديناراً ، لا يحلّ لنا شيء منها» .
قال : «وكيف ذلك ؟» قال : «لأنّها من ثمن حنطة قد حاف صاحبها على أكاريه في المقاسمة ، وذلك أنّه قبض حصته منها بكيل واف ، وكان ما خصّ الأكارين منها بكيل بخس» .
فقال عليه السلام : «صدقت يا بني» .
ثمّ قال : «يا ابن إسحاق ، احملها جميعاً لتردَّها ، أو توصي بردِّها على أربابها ، ولا حاجة لنا في شيء منها ، وأتنا بثوب العجوز» .
قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حق لي فنسيته ، فلمّا انصرف أحمد بن اسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليَّ مولانا عليه السلام فقال : «ما جاء بك يا سعد ؟» فقلت : شوّقني أحمد بن إسحاق الخصيب إلى لقاء مولانا .
قال : «فالمسائل التي أردت أن تسأل عنها ؟» قلت : على حالها .
قال : «اسأل قرّة عيني عنها ـ وأومأ إلى الغلام ـ فاسأله عمّا بدا لك» . فسألته عنها ، فأجاب ، وإنّي تركت ذكرها كراهية التطويل .