ولا بأس هنا باطلالة سريعة على ما في تفاسير الشيعة ـ ومن بينها مجمع البيان والميزان ـ حول ما حكم به داود عليهالسلام بين الخصمين ، لكي لا يلزمنا بعد ذلك أحد بما لا يلزم ، فنقول :
قال الشيخ الطوسي في التبيان : « فقالوا له : خصمان ، ولم يقولوا : نحن خصمان ، يعني فريقان ، لأنهما كان ملكين ، ولم يكونوا خصمين ، ولا بغىٰ أحدهما على الآخر » (١).
ويؤيّده قولهم له : ( لا تخف ) ، وهذا مما لا يوجّهه أحد من الرعية إلى الحاكم ، فإذا أضفنا فزعه عليهالسلام منهم لدخولهم عليه من غير الجهة المعتادة ، دلّ ذلك بكلّ وضوح على أنّ القصّة لم تكن حقيقيّة وإنّما كانت في ظرف التمثّل ، تمثّل فيها الملائكة في صورة متخاصمين ـ كما نصّ عليه السيد الطباطبائي في الميزان ـ لأحدهما نعجة واحدة ، يسألها آخر له تسع وتسعون نعجة ، وسألوه القضاء ، فقال لصاحب النعجة الواحدة ( لقد ظلمك ) ولم يكن قضاؤه منجزاً ، ولو فرض ذلك لكان حكماً في ظرف التمثّل ، ومن المعلوم أن لا تكليف في هذا الظرف ، وإنّما التكليف في عالمنا المادي المحسوس ، ولم تقع الواقعة فيه ، ولا كان هناك متخاصمان ، ولا نعجة ولا نعاج إلّا في ذلك الظرف الذي لا تكليف فيه (٢).
وأمّا على قول المخطئة من أن الواقعة كانت حقيقة ، وإن الداخلين على داود عليهالسلام كانوا بشراً ، والقصّة على ظاهرها ، فليس فيها ما يدلُّ على خطأ داود ، حيث أجاب علماء الشيعة ومفسّروهم على ما قد يقال بأنّه كيف قال
___________
(١) التبيان ٨ : ٥٥٢.
(٢) الميزان ١٧ : ١٩٤.