٦ ـ قلت : إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟
قال : « تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثمّ رأيته ، وإن لم تشكّ ثمّ رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثمّ بنيت على الصلاة ؛ لأنّك لا تدري لعلّه شيء أوقع عليك ، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشكّ » (١).
وتشتمل هذه الرواية على ستّة أسئلة من الراوي مع أجوبتها ، وموقع الاستدلال ما جاء في الجواب على السؤال الثالث والسادس ، غير أنّا سنستعرض فقه الأسئلة الستّة وأجوبتها جميعا ؛ لما لذلك من دخل في تعميق فهم موضعي الاستدلال من الرواية.
وهذه الرواية تدلّ على الاستصحاب على أساس الفقرتين الثالثة والسادسة ، حيث صرّح الإمام عليهالسلام فيهما باليقين والشكّ اللذين هما ركنا الاستصحاب.
وهذه الرواية وإن كانت مضمرة إلا أنّ راويها زرارة لا يسأل عادة إلا من المعصوم ، ولذلك لا مجال للتشكيك في سندها المؤيّد بمضمونها الناطق صريحا بأنّها صادرة من المعصوم.
وهي تشتمل على فقرات ستّة وأجوبتها ، وإنّما ذكرت بطولها هنا لما في الحديث عن فقراتها من فائدة ومدخليّة في فهم وتعميق الاستدلال بفقرتي الرواية الدالّتين على الاستصحاب ، ولذلك سوف نستعرض فقه الاسئلة الستّة وأجوبتها.
ففي السؤال الأوّل : يستفهم زرارة عن حكم من علم بنجاسة ثوبه ثمّ نسي ذلك وصلّى فيه ، وتذكّر الأمر بعد الصلاة ، وقد أفتى الإمام بوجوب إعادة الصلاة لوقوعها مع النجاسة المنسيّة ، وغسل الثوب.
أمّا السؤال الأوّل : فكان عمّن علم بالنجاسة تفصيلا وعلم بمكانها تفصيلا أيضا ولكنّه لم يطهّر الموضع من أجل عدم وجود الماء لديه ، فكان تأخيره لذلك عن عذر مقبول شرعا ، ثمّ إنّه بعد أن وجد الماء نسي أن يطهّر موضع النجاسة وصلّى بالثوب النجس ، ثمّ بعد الفراغ من الصلاة تذكّر أنّه صلّى بالثوب النجس.
وهنا حكم الإمام عليهالسلام ببطلان الصلاة ووجوب إعادتها بعد غسل الثوب وتطهيره من النجاسة.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ : ٤٣٢ / ١٣٣٥. الاستبصار ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ / ٦٤١.