وهذا ممّا لا كلام لنا فيه وهو متناسب مع القواعد والأصول أيضا ؛ لأنّ شرطيّة الطهارة للثوب أو البدن تشمل الطهارة الواقعيّة والظاهريّة ، وكلاهما مفقود هنا ؛ لأنّ الثوب نجس واقعا ، ولم يدخل في الصلاة بالثوب الطاهر ظاهرا أيضا ، بل بثوب نجس ، غاية الأمر كونه عن نسيان فلا إثم عليه لذلك ، لكنّه لم يحقّق الشرطيّة المطلوبة.
وفي السؤال الثاني : سأل عمّن علم بوقوع النجاسة على الثوب ففحص ولم يشخّص موضعه ، فدخل في الصلاة باحتمال أنّ عدم التشخيص مسوّغ للدخول فيها مع النجاسة ما دام لم يصبها بالفحص.
وقوله : « فطلبته ولم أقدر عليه » إنّما يدلّ على ذلك ، ولا يدلّ على أنّه بعدم التشخيص زال اعتقاده بالنجاسة ، فإنّ عدم القدرة غير حصول التشكيك في الاعتقاد السابق ، ولا يستلزمه ، وقد أفتى الإمام بلزوم الغسل والإعادة لوقوع الصلاة مع النجاسة المعلومة إجمالا.
وأمّا السؤال الثاني : فكان عمّن علم بأنّ النجاسة قد أصابت الثوب ولكنّه لم ير الموضع الذي وقعت عليه النجاسة ، فهنا يوجد لديه علم إجمالي بنجاسة الثوب وشكّ في المكان الذي تنجّس من الثوب ، ثمّ إنّه قد فحص عن الموضع فلم يقدر على العثور عليه لكي يطهّره بخصوصه ، فاعتقد نتيجة ذلك أنّه يجوز له الصلاة بهذا الثوب ما دام قد فحص عن مكان النجاسة ولم يعثر عليها ، مع أنّه يجب عليه في هذه الحالة الاجتناب عن الصلاة بهذا الثوب لعلمه بوقوع النجاسة عليه ، فإنّ الجهل بالموضع تفصيلا لا يضرّ ولا يزيل العلم بوقوع النجاسة على الثوب.
وهنا حكم الامام عليهالسلام بوجوب الإعادة وغسل الثوب كالسؤال السابق ولنفس النكتة أيضا.
ولا يتوهّم هنا أنّ قوله : « فطلبته فلم أقدر عليه » يدلّ على زوال اليقين السابق بالنجاسة ، حيث إنّه بعد أن فحص لم يعثر على النجاسة فزال اعتقاده بها فصلّى لأجل ذلك ، وبالتالي تكون الفقرة دالّة على قاعدة اليقين.
بل الصحيح أنّ قوله هذا إنّما يدلّ على أنّه قد سوّغ لنفسه الصلاة بهذا الثوب لأجل أنّه فحص ولم يعثر على الموضع ، فبرّر صلاته بالثوب النجس بأنّه قد فحص عن الموضع ليطهّره فلم يعثر عليه.