الشروع بالصلاة فالصلاة باطلة وتجب إعادتها ، وإن لم يعلم بسبقها كذلك فالصلاة صحيحة بمعنى أنّه يجب البناء على صحّة ما مضى ولزوم تطهير الثوب وإكمال الصلاة والاكتفاء بها ، استنادا إلى استصحاب اليقين بالطهارة للثوب ، وعدم جواز نقض اليقين لمجرّد احتمال سبق النجاسة على الصلاة.
وقد ادّعي في كلمات الشيخ الأنصاري (١) وقوع التعارض بين هذه الفتوى في الرواية والفتوى الواقعة في جواب السؤال الثالث إذا حملت على الفرضيّة الثالثة ، إذ في كلتا الحالتين وقعت الصلاة في النجاسة جهلا إمّا بتمامها كما في مورد السؤال الثالث ، أو بجزء منها كما في مورد السؤال السادس ، فكيف حكم بصحّة الصلاة في الأوّل وبطلانها في الثاني؟!
وهنا إشكال للشيخ الأنصاري حاصله : أنّ الشقّ الأوّل من الفقرة السادسة لو حمل على الشكّ البدوي ، فهو يتناقض مع الفقرة الثالثة إذا حملت على الفرضيّة الثالثة ، والوجه في ذلك : أنّ الإمام حكم هنا بعدم صحّة الصلاة ووجوب إعادتها عند افتراض الشكّ البدوي بإصابة النجاسة للثوب ثمّ رؤيتها في أثناء الصلاة.
بينما هناك حكم الإمام بصحّة الصلاة التي فرغ منها رغم وقوعها كاملة مع النجاسة ، حيث إنّه رأى النجاسة بعد الفراغ من الصلاة ، وهذه النجاسة التي رآها كانت مشكوكة حين الشروع في الصلاة.
ففي صورة الشكّ بالإصابة قبل الشروع بالصلاة ثمّ رؤية النجاسة المشكوكة حكم الإمام بحكمين مختلفين ، أحدهما وجوب الإعادة عند رؤية النجاسة في الأثناء ، والآخر عدم الإعادة عند رؤية النجاسة بعد الفراغ من الصلاة ، فكيف تكون الصلاة الواقعة بتمامها مع النجاسة جهلا أحسن حالا من الصلاة التي وقع بعضها مع النجاسة جهلا؟!
وهذا شاهد ومؤيّد لما تقدّم من احتمال كون المراد من الشكّ هنا هو الشكّ المقرون بالعلم الإجمالي لا الشكّ البدوي.
والجواب : أنّ كون النجاسة قد انكشفت وعلمت في أثناء الصلاة قد يكون له دخل في عدم العفو عنها ، فلا يلزم من العفو عن نجاسة لم تعلم أثناء الصلاة العفو عن نجاسة علمت كذلك.
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٦١.