وجوابه : أنّه يوجد فارق بين الصورتين وهو : أنّه في الفقرة الثالثة بناء على الفرضيّة الثالثة كان شاكّا بالإصابة فصلّى ، وبعد تماميّة الصلاة والفراغ منها رأى النجاسة ، فرؤية النجاسة إذن حصلت بعد الفراغ من العمل.
بينما في الشقّ الأوّل من الفقرة السادسة على تفسير الشك بالشك البدوي كان شاكّا بالإصابة وصلّى ، ثمّ رأى النجاسة في الأثناء ، فرؤية النجاسة إذن حصلت حين العمل لا بعد الفراغ منه.
وعليه يكون حكم الإمام بالصحّة هناك وعدمها هنا مبنيّا على هذه النكتة ، أي نكتة الفراغ من العمل وعدم الفراغ منه ، وهذه نكتة عرفيّة أيضا.
وبتعبير آخر : أنّ أدلّة مانعيّة النجاسة للثوب من صحّة الصلاة تشمل ثلاث حالات :
١ ـ حالة وجود النجاسة قبل الشروع والعلم بها كذلك.
٢ ـ حالة وجود النجاسة قبل الشروع والعلم فيها في الأثناء.
٣ ـ حالة وجود النجاسة قبل الشروع والعلم بها بعد الفراغ من العمل.
أمّا الحالة الأولى فهي مشمولة لأدلّة المانعيّة والبطلان بلا شكّ.
وأمّا الحالة الثالثة فقد دلّت الأخبار على خروجها واستثنائها من وجوب الإعادة.
وأمّا الحالة الثانية فهي تحتمل كونها ملحقة بالأولى أو بالثالثة ، وهنا ألحقها الشارع بالأولى دون الثالثة ، إذ لا ملازمة بين العفو عن النجاسة التي لم تعلم إلا بعد الفراغ من العمل والعفو عن النجاسة التي علمت أثناءه بعد أن كان الجميع داخلا تحت أدلّة المانعيّة ، غاية الأمر رخّص الشارع في العفو عن بعض الحالات دون البعض الآخر.
هذا حاصل الكلام في فقه الرواية.
وأمّا تفصيل الكلام في موقعي الاستدلال فيقع في مقامين :
المقام الأوّل :
في الموقع الأوّل ، والكلام فيه في جهات :
الأولى : أنّ الظاهر من جواب الإمام تطبيق الاستصحاب لا قاعدة اليقين ؛ وذلك لأنّ تطبيق الإمام لقاعدة على السائل متوقّف على أن يكون كلامه ظاهرا في تواجد أركان تلك القاعدة في حالته المفروضة ، ولا شكّ في ظهور كلام