وبتعبير آخر : إنّ كون الشيء طرفا للعلم الإجمالي معناه كونه صالحا لأن يكون هو المنجّز بدلا عن الطرف الآخر ، وهنا العاشر لوحده لا يمكن أن يكون هو المنجّز بنحو بديل عن التسعة ؛ إذ لا معنى لوجوب العاشر دون التسعة.
وهكذا نصل إلى أنّ العلم الإجمالي ليس دائرا بين وجوب الأقلّ ووجوب الزائد لوحده ، بل هو دائر بين وجوب الأقلّ أو وجوب الأكثر ، أي بين وجوب التسعة والتي هي كلّ واحد مترابط ، وبين وجوب العشرة والتي هي كلّ واحد مترابط أيضا ، وهذا يعني الدوران بين متباينين وكلّ واحد منهما صالح لأن يكون هو المنجّز ؛ إذ كما يمكن أن يكون الوجوب متعلّقا بالتسعة كذلك يمكن أن يكون متعلّقا بالعشرة المركّبة من التسعة والزيادة.
ومثل هذا العلم الإجمالي منجّز فيجب الاحتياط بالإتيان بالعشرة لكي يعلم ببراءة ذمّته يقينا ، حيث إنّها مشتغلة يقينا بالتكليف ؛ لأنّ الاكتفاء بالأقلّ من دون الإتيان بالجزء العاشر لا يجعل الذمّة بريئة.
ولا يمكن هنا نفي الجزء العاشر الزائد بنحو مستقلّ ؛ لأنّه مرتبط بالأجزاء التسعة المكوّنة لوجوب الأكثر ونفيه ضمن نفي وجوب الأكثر غير ممكن أيضا ؛ لأنّه طرف للعلم الإجمالي والذي يمنع من جريان الأصول الترخيصيّة في طرفيها للتعارض بينهما.
وقد أجيب على هذا البرهان بوجوه :
منها : أنّ العلم الإجمالي المذكور منحلّ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ على كلّ تقدير ؛ لأنّ الواجب إن كان هو الأقلّ فهو واجب نفسي وإن كان الواجب هو الأكثر فالأقلّ واجب غيري ؛ لأنّه جزء الواجب وجزء الواجب مقدّمة له.
ثمّ إنّه قد ذكرت عدّة أجوبة على هذا البرهان نذكر منها ما يلي :
الجواب الأوّل : ما ذكره الشيخ الأنصاري كما هو ظاهر عباراته من أنّ هذا العلم الإجمالي منحلّ إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ والشكّ البدوي في وجوب الأكثر.
وتوضيحه : أنّ الأقلّ إن كان هو الواجب فالأقلّ واجب نفسي ، وإن كان الواجب هو الأكثر فالأقلّ واجب غيري ؛ لأنّه داخل في الأكثر ؛ إذ هو من المقدّمات الداخليّة