يظهر من قوله : « لأنّك أعرته إياه وهو طاهر » ، فكان الحكم ببقاء الطهارة الاستصحابيّة مبتنيا على ركنيّة نفس كونه طاهرا في السابق ، وهذا معناه عدم ركنيّة اليقين فلا تكون له موضوعيّة ، بل يكون طريقا كاشفا عن ثبوت الحالة السابقة ، وهذا يعني أنّ كلّ طريق كاشف عن الحدوث والثبوت يقوم مقام اليقين.
وحينئذ فنحن بين أمرين :
إمّا أن تكون رواية ابن سنان قرينة مفسّرة لحمل اليقين في الروايات السابقة على كونه طريقا كاشفا عن الحدوث ، والركن هو نفس حدوث الحالة السابقة في جميع الروايات ، وذكر اليقين كان من أجل المثال الأوضح والأبرز للطريق الكاشف عن الحدوث ، وبالتالي يتمّ الجمع بين الروايات ويكون مفاد الجميع واحدا.
وإمّا ألاّ تصلح هذه الرواية للقرينيّة فيقع التعارض بين الروايات ، والحكم هو التساقط والأخذ بالقدر المتيقّن وهو ركنيّة ( اليقين بالحدوث ) ؛ لأنّ اليقين لا شكّ في أخذه وإنّما الشكّ في أخذ غيره أيضا.
وأمّا إذا لم نأخذ بالقدر المتيقّن فهل يكون لدينا قاعدتان متشابهتان أم لا؟
والجواب بالنفي ؛ لأنّ المفاد واحد والملاك واحد ، فالعرف يرى وحدة القاعدة وعليه لا بدّ من علاج لهذا التعارض بين الأخبار.
وقد نشأت مشكلة من افتراض ركنيّة اليقين بالحدوث وهي : أنّه إذا كان ركنا فكيف يمكن إجراء الاستصحاب فيما هو ثابت بالأمارة إذا دلّت الأمارة على حدوثه وشككنا في بقائه؟!
مع أنّه لا يقين بالحدوث ، كما إذا دلّت الأمارة على نجاسة ثوب وشكّ في تطهيره ، أو على نجاسة الماء المتغيّر في الجملة وشكّ في بقاء النجاسة بعد زوال التغيّر.
وهنا إشكال بناء على كون الركن هو اليقين بالحدوث ، وحاصله : أنّه إذا كانت الحالة السابقة ثابتة بغير اليقين كما إذا دلّت الأمارة على ثبوت شيء ، ثمّ شككنا في بقائه ، فهل يمكن إجراء الاستصحاب هنا مع أنّه لا يقين بالحدوث أم لا؟ مع أنّه لا إشكال عندهم إثباتا في جريان الاستصحاب في مثل قيام الأمارة على الحدوث دون الأصل العملي.