الاستقلاليّة هو الذي ينجّز معلومه ويدخله في العهدة ، وهذا العلم منحلّ بالعلم التفصيلي المشار إليه.
ويرد عليه : أنّ حدّ الاستقلاليّة منتزع من الوجوب ، ومعناها أنّ هذا الوجوب لا يتعدّى إلى أكثر ممّا تعلّق به ولا يشمل غيره ، وليست حدّا لمتعلّق الوجوب أي للأقلّ أو للأكثر ، فهنا أمران :
١ ـ أن نقول : إنّ حدّ الاستقلاليّة حدّ لنفس الأقلّ ولنفس الأكثر ، فيكون المراد أنّ الأقلّ بهذا الحدّ هو الواجب فيكون الإتيان بالجزء العاشر مخلاّ بتحقّق الأقلّ ؛ لعدم الحفاظ على استقلاليّته ، وإمّا من جهة الأكثر فيكون حدّ الاستقلاليّة أنّه يجب الإتيان بالعشرة لا أقلّ فيكون العاشر جزءا دخيلا وعدم وجوده يخلّ بالأكثر.
وحينئذ يكون الأمر دائرا بين كون العاشر مانعا أو جزءا ، وهذا خروج عن محلّ الكلام ؛ لأنّه إن كان الواجب هو الأقلّ بحدّه الاستقلالي فالعاشر مانع وإن كان الواجب هو الأكثر بحدّه الاستقلالي فالعاشر جزء.
٢ ـ أن نقول : إنّ حدّ الاستقلاليّة حدّ لنفس الوجوب ، أي أنّه منتزع من وجوب الأقلّ أو وجوب الأكثر ، بمعنى أنّ وجوب الأقلّ أو الأكثر واجب لنفسه لا لغيره ، فهذا صحيح ، إلا أنّ حدّ الاستقلاليّة وإن كان معلوما بالإجمال ولكنّه لا يدخل في العهدة ولا تشتغل به الذمّة ؛ لأنّه وصف ينتزع من وجود الأقلّ أو الأكثر ، فوجوده في طول وجودهما ، وهذا يعني أنّ الذمّة تشتغل بذات الوجوب لا بحدّه.
وحينئذ نقول : إنّ العلم الإجمالي المتعلّق بالوجوب النفسي الاستقلالي للأقلّ أو للأكثر ، غير منحلّ حقيقة بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ إمّا استقلاليّا وإمّا ضمنيّا ؛ لعدم إحراز الميزة الموجودة في العلم الإجمالي.
إلا أنّ المقصود من العلم الإجمالي كونه منجّزا ومدخلا للعهدة والذمّة ، فإذا لم يكن منجّزا لمعلومه فلا أثر له ، وحيث إنّ حدّ الاستقلاليّة غير قابل للتنجيز والدخول في العهدة فلا أثر للعلم الإجمالي به ، وعليه فيكون العلم الإجمالي منجّزا للوجوب النفسي دون الاستقلاليّة ، وهذا العلم الإجمالي منحلّ حقيقة للعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ النفسي على كلّ تقدير ، أي سواء كان استقلاليّا أم ضمنيّا.
والحاصل : أنّ حدّ الاستقلاليّة حيث لا يمكن دخوله في العهدة فوجوده وعدمه