وقد يجاب على هذا الانحلال بأجوبة نذكر فيما يلي مهمّها :
الجواب الأوّل : أنّ الجامع المعلوم إجمالا هو الوجوب النفسي الاستقلالي إمّا للأقلّ أو للأكثر ، وما هو معلوم بالتفصيل في الأقلّ هو الوجوب النفسي ولو ضمنا ، فلا انحلال.
وأورد على هذا الجواب بإيرادات عديدة نذكر أهمّها :
الأوّل : أنّ المعلوم بالإجمال يشتمل على خصوصيّة وميزة غير محرزة الوجود في المعلوم بالتفصيل ، وذلك لأنّ المعلوم إجمالا هو الوجوب النفسي الاستقلالي إما للأقلّ وإمّا للأكثر ؛ لأنّ الأمر مردّد بين وجوب الأقلّ بحدّه وبين وجوب الأكثر بحدّه ، يعني إمّا هذا بنحو مستقلّ وإمّا ذلك بنحو مستقلّ ، ففي الدقّة يوجد خصوصيّتان معلومتان بالإجمال إحداهما كون الواجب نفسيّا ، والأخرى كونه استقلاليّا.
وأمّا المعلوم بالتفصيل فهو وجوب الأقلّ النفسي المردّد بين الاستقلالي والضمني ؛ لأنّ الواجب النفسي إن كان هو الأقلّ فهو واجب نفسي استقلالي ، وإن كان الواجب النفسي هو الأكثر فالأقلّ واجب نفسي ضمني ، وحينئذ لا تكون خصوصيّة الاستقلاليّة محرزة الوجود في الأقلّ المعلوم تفصيلا مع أنّها محرزة ودخيلة قطعا لكون العلم الإجمالي مشتملا عليها ، وحيث إنّه لا توجد ميزة كذلك فلا يصلح المعلوم التفصيلي للانحلال الحقيقي.
وبتعبير آخر : إنّ حدّ الاستقلاليّة دخيل في المعلوم الإجمالي ، وهذا الحدّ لا بدّ من إحرازه تفصيلا لكي يحصل الانحلال الحقيقي.
وفي مقامنا لا يحرز وجود هذا الحدّ تفصيلا للتردّد بين الاستقلاليّة والضمنيّة فلا انحلال إذن.
ويلاحظ : أنّ الاستقلاليّة معنى منتزع من حدّ الوجوب وعدم شموله لغير ما تعلّق به ، والحدّ لا يقبل التنجّز ولا يدخل في العهدة ، وإنّما يدخل فيها ويتنجّز ذات الوجوب المحدود ، فالعلم الإجمالي بالوجوب النفسي الاستقلالي وإن لم يكن منحلاّ ، ولكنّ معلوم هذا العلم لا يصلح للدخول في العهدة لعدم قابليّة حدّ الوجوب للتنجّز ، والعلم الإجمالي بذات الوجوب المحدود بقطع النظر عن حدّ