وجوب غيري للمقدّمات والأجزاء ، ولذلك لا يعاقب على ترك المقدّمات زائدا على ترك الواجب.
وبتعبير آخر : إنّ وجوب المقدّمة لا يكون منجّزا إلا بفرض منجّزيّة ذي المقدّمة نفسه ، وهنا إذا فرضنا كون الأقلّ واجبا غيريّا من باب كونه مقدّمة داخليّة للأكثر ، فلا يكون منجّزا إلا بعد إحراز منجّزيّة الأكثر ، والمفروض أنّ وجوب الأكثر ومنجّزيّته مشكوكة للعلم الإجمالي إمّا بوجوبه أو بوجوب الأقلّ ، وحيث إنّه لا يعلم بوجوبه فلا يعلم بوجوب الأقلّ الغيري بل هو مشكوك ، وحينئذ لا يكون وجوب الأقلّ معلوما على كلّ تقدير لكي لا تجري فيه الأصول الترخيصية ، بل هو معلوم على بعض التقادير فقط ، فحاله حال وجوب الأكثر فإنّه معلوم على بعض التقادير أيضا ، ولذلك تكون الأصول الترخيصيّة نسبتها إليهما على حدّ واحد فتجري فيهما معا ، ويقع التعارض بينهما ويحكم بتساقطهما ، فيكون العلم الإجمالي على منجّزيّته ولم ينهدم ركنه الثالث.
ومنها : أنّ العلم الإجمالي المذكور منحلّ بالعلم التفصيلي بالوجوب النفسي للأقلّ ؛ لأنّه واجب نفسا إمّا وحده أو في ضمن الأكثر ، وهذا المعلوم التفصيلي مصداق للجامع المعلوم بالإجمال فينحلّ العلم الإجمالي به.
الجواب الثاني : ما يستفاد أيضا من كلمات الشيخ الأنصاري من دعوى الانحلال الحقيقي بتقريب : أنّ العلم الإجمالي هو العلم بالتكليف النفسي الدائر بين الأقلّ والأكثر ، وهذا العلم منحلّ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ النفسي ؛ وذلك لأنّ الواجب إمّا أن يكون هو الأقلّ فقط فهذا من الواضح كونه واجبا نفسيّا ؛ لأنّه واجب استقلالي برأسه ، وإمّا أن يكون في ضمن وجوب الأكثر ، وهذا واجب نفسي أيضا ؛ لأنّ الوجوب الضمني واجب نفسي لا غيري ، أي أنّ الوجوب المتعلّق بالمركّب ينحلّ بالتضمّن إلى وجوبات نفسيّة ضمنيّة بعدد الأجزاء ، فوجوب التسعة والتي هي الأقلّ واجبة ضمنا بالوجوب النفسي.
وحينئذ نقول : إنّ الخصوصيّة والميزة الموجودة في المعلوم الإجمالي وهو كون الواجب نفسيّا يعلم بوجودها تفصيلا في الأقلّ ؛ لأنّه واجب نفسيّا إما مستقلاّ وإمّا ضمنا ، ولذلك يسري العلم من الجامع إلى الفرد فيتنجّز ، بينما الفرد الآخر مشكوك بدوا فتجري فيه الأصول الترخيصيّة بلا محذور.