فإن أريد به الانحلال الحقيقي بدعوى أنّ الركن الثاني منهدم وأنّ العلم سرى من الجامع إلى الفرد ، فهذا يتوقّف على إثبات أنّ المعلوم التفصيلي مصداق للمعلوم الإجمالي ، أو على الأقلّ يصلح لأن يكون مصداقا له مع عدم وجود ميزة وخصوصيّة في المعلوم الإجمالي ، وإلا اشترط إحرازها في المعلوم التفصيلي.
وفي مقامنا لا يمكن أن يكون المعلوم التفصيلي مصداقا للمعلوم الإجمالي ؛ وذلك لأنّه يوجد ميزة في المعلوم الإجمالي لا يحرز وجودها في المعلوم التفصيلي فيكون هناك شبهة مصداقيّة للانحلال ، فلا يمكن التمسّك بدليل الانحلال فيها ؛ لأنّه من التمسّك بالعامّ لإثبات مصداقه وهو ممنوع.
والوجه في ذلك : أنّ المعلوم التفصيلي هو وجوب الأقلّ على كلّ تقدير سواء كان نفسيّا أم غيريّا ، بينما المعلوم إجمالا هو وجوب الأقلّ نفسيّا أو وجوب الأكثر نفسيّا ، والأوّل ليس مصداقا للثاني.
نظير ما إذا علم إجمالا بوجود إنسان طويل في المسجد ، ثمّ علم تفصيلا بوجود زيد في المسجد ولكنّه لا يعلم هل هو طويل أو قصير؟ فهذا لا يوجب الانحلال الحقيقي لوجود ميزة وخصوصيّة في المعلوم بالإجمال غير محرزة في المعلوم التفصيلي ، وهنا كذلك فإنّ ميزة النفسيّة المعلومة إجمالا غير محرزة تفصيلا ؛ لأنّ الأمر فيه مردّد بين النفسي والغيري.
وإن أريد به الانحلال الحكمي بدعوى أنّ الركن الثالث منهدم ، أي أنّ الأصول الترخيصيّة تجري لنفي وجوب الأكثر ولا تعارضها الأصول الترخيصيّة في الأقلّ ؛ لأن الأقلّ منجّز على كلّ تقدير ، فلا مورد للأصول الترخيصيّة فيه ، فهذا يتوقّف على إثبات كون الأقلّ منجّزا على كلّ تقدير ، إلا أنّ هذا لا يمكن إثباته هنا.
والوجه في ذلك : أنّ الأقلّ لو كان واجبا نفسيّا فهو منجّز ، لكنّه لو كان واجبا غيريّا فهو غير منجّز بمنجّز مستقلّ ، بل منجّزيّته ضمن منجّزيّة الأكثر ؛ لأنّ الواجب الغيري لا ينجّز التكليف على ذمّة المكلّف بقطع النظر عن الواجب المرتبط به ، فلا يكون وجوب الأقلّ منجّزا على كلّ تقدير ، وإنّما يكون منجّزا على تقدير كونه واجبا نفسيّا فقط.
وأمّا على تقدير كونه واجبا غيريّا فالمنجّزيّة لوجوب الأكثر والتي يترشّح منها