وفي هذه الحالة يقال : إنّ استصحاب الجامع يجري إذا كان هناك أثر شرعي مترتّب عليه بقاء ، فلو فرض وجود حكم شرعي مترتّب على موضوع الإنسان كأن قيل مثلا : ( تصدّق على الفقير إذا كان هناك إنسان في المسجد ) ، فهاهنا حيث إنّ جامع الإنسان معلوم الحدوث في المسجد ويشكّ في ارتفاعه عند خروج زيد بسبب الشكّ في كون الإنسان الموجود هو زيدا أو خالدا ، فيجري استصحاب بقاء جامع الإنسان ويترتّب عليه الأثر المفروض ، وهذا ما يسمّى باستصحاب القسم الثاني من الكلّي والذي تقدّم سابقا وسيأتي أيضا.
وأمّا استصحاب الفرد فلا يجري وذلك :
أمّا استصحاب بقاء زيد في المسجد فهو غير تامّ الأركان ؛ للعلم بخروجه من المسجد ، فلا شكّ في البقاء فضلا عن أنّه لا علم بحدوثه تفصيلا.
وأمّا استصحاب بقاء خالد في المسجد فهو غير تامّ أيضا ؛ لأنّه وإن كان لا يعلم بارتفاعه فهو محتمل البقاء إلا أنّه لا يقين بحدوثه ليجري استصحاب بقائه. نعم ، هو مشكوك البقاء على تقدير حدوثه ، وهذا يعني أنّ اليقين ليس فعليّا بل هو تقديري ، وسيأتي البحث حول هذه النقطة عند الحديث عن استصحاب الكلّي.
فكلّ واحد من زيد وخالد لا يمكن جريان الاستصحاب فيهما بعنوانهما الخاصّ ؛ لعدم تماميّة أركان الاستصحاب.
وأمّا استصحاب الفرد المردّد بين زيد وخالد فهل يجري استصحابه أم لا؟
والجواب :
ولكن قد يقال : إنّ الآثار الشرعيّة إذا كانت مترتّبة على وجود الأفراد بما هي أفراد أمكن إجراء استصحاب الفرد المردّد على إجماله ، بأن نشير إلى واقع الشخص الذي دخل المسجد ونقول : إنّه على إجماله يشكّ في خروجه من المسجد ، فيستصحب.
قد يقال : إنّ استصحاب الفرد المردّد يجري فيما إذا كان الأثر الشرعي مترتّبا على وجود الأفراد بما هي أفراد لا على الأفراد بما هي مصاديق وتعيّنات للجامع ، فلو فرض وجود أثر شرعي مترتّب على عنوان دخول زيد أو خالد إلى المسجد فباستصحاب الفرد المردد سوف يترتّب هذا الأثر.