فلو فرض وجود حكم على عنوان زيد وخالد كما إذا فرض ( تصدّق بدرهم إذا كان زيد في المسجد وتصدّق بدرهمين إذا كان خالد في المسجد ).
فهنا إذا جرى استصحاب الفرد المردّد على إجماله ، سوف يثبت لدينا وجود أحد هذين الفردين في المسجد ، وهذا علم إجمالي منجّز فتجب موافقته القطعيّة ، وذلك بالتصدّق مرّتين مرّة بدرهم ومرّة بدرهمين.
والوجه في جريان هذا الاستصحاب : هو أنّ الفرد المردّد على إجماله معلوم الحدوث ؛ وذلك لأنّه يعلم بدخول شخص أو فرد إلى المسجد ثمّ بعد خروج زيد منه سوف يشك في ارتفاع هذا العنوان الإجمالي فيستصحب بقاؤه ، والمفروض أنّ لبقائه أثرا شرعيّا مترتّبا على الأفراد بما هي أفراد لا بما هي تعيّنات للكلّي ، وحيث لا يعلم أي الفردين هو الداخل والباقي ، فسوف يحصل لدينا علم إجمالي منجّز لكلا الأثرين.
ولكنّ الصحيح : أنّ هذا الاستصحاب لا محصّل له ؛ لأنّنا حينما نلحظ الأفراد بعناوينها التفصيليّة لا نجد شكّا في البقاء على كلّ تقدير ، إذ لا يحتمل بقاء زيد بحسب الفرض ، وإذا لاحظناها بعنوان إجمالي وهو عنوان الإنسان الذي دخل إلى المسجد فالشكّ في البقاء ثابت.
فإن أريد باستصحاب الفرد المردّد إثبات بقاء الفرد بعنوانه التفصيلي فهو متعذّر ، إذ لعلّ الفرد هو زيد ، وزيد لا شكّ في بقائه فيكون الركن الثاني مختلاّ.
وإن أريد به إثبات بقاء الفرد بعنوانه الإجمالي فالركن الثاني محفوظ ، ولكنّ الركن الرابع غير متوفّر ؛ لأنّ الأثر الشرعي غير مترتّب بحسب الفرض على العنوان الإجمالي ، بل على العناوين التفصيليّة للأفراد.
والصحيح : أنّ استصحاب الفرد المردّد لا محصّل ولا معنى له ؛ وذلك لأنّ الفرد المردّد إمّا أن يراد به واقع الفرد المردّد أو مفهوم الفرد المردّد.
فإن كان المراد به واقع الفرد المردّد أي أنّنا لاحظنا الأفراد بعناوينها التفصيليّة كزيد بعنوانه الخاصّ وخالد كذلك ، فنكون أردنا من استصحاب الفرد المردّد التوصّل إلى استصحاب بقاء زيد أو خالد ، فهذا الاستصحاب غير تامّ ؛ لأنّه لا يوجد لدينا شكّ في بقاء زيد للعلم بخروجه من المسجد ، ولا يوجد علم بدخول خالد فهو مشكوك الحدوث لا البقاء.