وإن كان المراد به مفهوم الفرد المردّد أي أنّنا لاحظنا العنوان الإجمالي للفرد وهو الفرد الواقعي الذي دخل إلى المسجد من دون تعيين وتشخيص هويّته ظاهرا ، فهذا الاستصحاب وإن كان يتوفّر فيه اليقين والشكّ ؛ لأنّ الفرد بالعنوان الإجمالي معلوم الحدوث ومشكوك البقاء عند خروج زيد ، إلا أنّه مع ذلك لا يجري لاختلال ركنه الرابع.
وبتعبير آخر : إنّ أريد باستصحاب الفرد المردّد إثبات بقاء الفرد بعنوانه التفصيلي أي بقاء زيد أو خالد بعنوانهما ، فهذا الاستصحاب لا يمكن إجراؤه لاختلال الركن الثاني بالنسبة لزيد إذ لا شكّ في بقائه ، ولاختلال الركن الأوّل بالنسبة لخالد إذ لا يقين بحدوثه ليتعلّق الشكّ في بقائه ، وإنّما الشكّ في بقائه على تقدير حدوثه.
وإن أريد باستصحاب الفرد المردّد إثبات بقاء الفرد بعنوانه الإجمالي أي الفرد الواقعي الذي دخل إلى المسجد ، فهو وإن كان متيقّن الحدوث ومشكوك البقاء إلا أنّ الركن الرابع مختلّ ؛ وذلك لأنّ المفروض كون الأثر الشرعي مترتّبا إمّا على الأفراد بعناوينها التفصيليّة الخاصّة ، وإمّا عليها بما هي مصاديق وتعيّنات للجامع الكلّي ، ولا يوجد أثر شرعي مترتّب على عنوان الفرد المردّد ؛ لأنّه لا وجود له في نفسه في الخارج وإنّما الموجود في الخارج الفرد بعنوانه الخاصّ.
فظهر أنّه لا مجال لجريان الاستصحاب في الفرد المردّد لا بعنوانه التفصيلي ولا بعنوانه الإجمالي.
ومن هنا نعرف أنّ عدم جريان استصحاب الفرد المردّد من نتائج ركنيّة الشكّ في البقاء الثابتة بظهور الدليل ، ولا يكفي فيه البرهان القائل بأنّ الحكم الظاهري متقوّم بالشكّ ؛ إذ لا يأبى العقل عن تعبّد الشارع ببقاء الفرد الواقعي مع احتمال قطعنا بخروجه.
وعلى هذا تظهر الثمرة الأولى بين كون الشكّ الذي هو ركن في الاستصحاب هو الشكّ في البقاء المستفاد من أدلّة الاستصحاب ، وبين كون الشكّ الركن هو الشكّ المقوّم للحكم الظاهري.
فإن قيل : إنّ الركن هو الشكّ في البقاء استنادا إلى ظاهر الأدلّة التي أخذ في لسانها عنوان الشكّ ، فلا يمكن جريان استصحاب الفرد المردّد لا بعنوانه التفصيلي