الاستصحاب في كلّ الحالات التي يكون زمان المتيقّن فيها مردّدا بين زمان المشكوك وما قبله.
وهنا إشكال ذكره صاحب ( الكفاية ) وهو ما يسمّى بشبهة انفصال زمان اليقين عن الشكّ.
وحاصله : أنّ الاستصحاب في الحالات المذكورة ـ التي يكون زمان المتيقّن فيها مردّدا بين أن يكون سابقا على زمان المشكوك أو نفس زمان المشكوك والتي تسمّى بتوارد الحالتين ـ لا يمكن إجراؤه وذلك لاختلال ركنه الثاني وهو عنوان ( الشكّ في البقاء ).
ببيان : أنّ زمان المتيقّن لو فرض سابقا على زمان المشكوك فلا إشكال في جريان الاستصحاب ؛ لأنّ عنوان الشكّ في البقاء يكون محقّقا ، حيث إنّه على هذا الفرض يكون قبل ساعة لدينا يقين ثمّ الآن نشكّ في بقائه.
وأمّا لو فرض كون زمان المتيقّن هو نفس زمان المشكوك ، أي أنّه في هذا الآن الزماني واللحظة الحاضرة هل الثوب تنجّس الآن أو لا يزال متنجّسا سابقا؟ فإذا تنجّس الآن فهذا يعني أنّه متنجّس بنجاسة غير مشكوكة البقاء ؛ بل مشكوك الحدوث ؛ لأنّ النجاسة المشكوكة البقاء هي نجاسة أخرى غير هذه التي يشكّ في حدوثها الآن ، إلا أنّ هذه النجاسة المشكوكة البقاء إنّما هي مشكوكة كذلك على تقدير حدوث هذه النجاسة قبل ساعة لا حدوثها الآن ، فالشكّ في البقاء تقديري لا فعلي.
والحاصل : حيث إنّنا نحتمل أن يكون زمان المتيقّن هو نفس زمان المشكوك فهذا يعني أنّنا لا نحرز عنوان ( الشكّ في البقاء ) ؛ لأنّ النجاسة الحادثة الآن ليست بقاء لنجاسة سابقة وإنّما هي نجاسة جديدة طارئة ، ولأنّ النجاسة المشكوكة ليست هي هذه النجاسة التي تحدث الآن ، بل يفترض أن تكون نجاسة أخرى غيرها موجودة قبل الآن ، وهذه النجاسة السابقة غير معلومة لكي يتعلّق الشكّ ببقائها.
ففي مثل هذا الفرض لا نحرز عنوان الشكّ في البقاء فلا يجري الاستصحاب لاختلال ركنه الثاني.
ومن هنا تظهر لنا الثمرة الثانية بين المسلكين في الاستدلال على الشكّ بالبقاء.