الخارجيّة ، فيتمّ بملاحظة هذا العالم اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ويجري الاستصحاب.
والجواب : أنّ هذا الكلام يتمّ فيما إذا انحصر الحكم في عالم الجعل والتشريع ، وأمّا إذا قلنا : إنّه يوجد الحكم في عالم المجعول والفعليّة فلا يتمّ هذا الكلام.
والصحيح : أنّ الحكم وإن كان تشريعه في عالم الجعل إلا أنّ وجوده لا ينحصر هناك ، وإلا لأصبحت كلّ الأحكام ذهنيّة ، بل الحكم تابع لموضوعه فإذا ثبت موضوعه في عالم الخارج كان الحكم فعليّا ، وإذا لم يثبت الموضوع في الخارج ظلّ الحكم منصبّا على الموضوع الموجود في عالم التشريع والجعل فقط.
فوجوب الحجّ على المستطيع حكم منصبّ على الاستطاعة في عالم الجعل والتشريع ، إلا أنّه إذا وجد في الخارج إنسان مستطيع فإنّ الحكم ينصبّ عليه فيقال : هذا الإنسان المستطيع يجب عليه الحجّ.
وفي مقامنا نجاسة الماء المتغيّر وحرمة وطء المرأة الحائض يتّصف بهما في الخارج الماء المتغيّر بالفعل والمرأة الحائض بالفعل ، فإذا زال التغيّر عن هذا الماء الموجود فعلا وانقطع الدم عن المرأة الموجودة في الخارج ، سوف يكون الشكّ في نجاسة الماء الذي زال عنه التغيّر والشكّ في حرمة وطء المرأة التي انقطع عنها الدم شكّا في بقاء النجاسة السابقة والحرمة السابقة ؛ لأنّ موضوع الحكم لا يزال موجودا وهو واحد ، غاية الأمر زالت عنه بعض القيود والخصوصيّات والتي كانت هي المنشأ للشكّ في الحكم بقاء وارتفاعا.
وحينئذ يجري الاستصحاب لتماميّة أركانه ، أمّا اليقين بالحدوث فلأنّ هذا الماء كان نجسا عند ما كان متغيّرا ، وهذه المرأة كان يحرم مقاربتها عند ما كان الدم يسيل منها ، ثمّ بعد زوال التغيّر وانقطاع الدم نشكّ في بقاء نجاسة هذا الماء وفي بقاء حرمة وطء هذه المرأة ، فيستصحب بقاء النجاسة والحرمة ؛ لأنّ الركن الثاني متوفّر وهو الشكّ في البقاء أو كون الشكّ متعلّقا بما تعلّق به اليقين وهو هذا الماء وهذه المرأة.
وسيأتي فيما بعد مزيد توضيح لهذه المسألة عند الحديث عن التفصيل المذكور في جريان الاستصحاب في الشبهات الموضوعيّة وعدم جريانه في الشبهات الحكميّة.
* * *