أوّلا : تطبيقه في الشبهات الموضوعية :
جاء في إفادات الشيخ الأنصاري ـ قدّس الله روحه ـ (١) التعبير عن هذا الركن بالصياغة التالية : أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب إحراز بقاء الموضوع ، إذ مع تبدّل الموضوع لا يكون الشكّ شكّا في البقاء ، فلا يمكنك مثلا أن تستصحب نجاسة الخشب بعد استحالته وصيرورته رمادا ؛ لأنّ موضوع النجاسة المتيقّنة لم يبق.
وهذه الصياغة سبّبت الاستشكال في جريان الاستصحاب فيما إذا كان المشكوك أصل وجود الشيء بقاء ؛ لأنّ موضوع الوجود الماهيّة ولا بقاء للماهيّة إلا بالوجود ، فمع الشكّ في وجودها بقاء لا يمكن إحراز بقاء الموضوع ، فكيف يجري الاستصحاب؟
البحث الأوّل : في تطبيق هذا الركن في الشبهات الموضوعيّة.
ذكر الشيخ الأنصاري أنّ الركن الثالث عبارة عن إحراز بقاء الموضوع ، فما لم يحرز بقاء الموضوع ـ سواء أحرز عدم بقائه أم احتمل ذلك ـ فلا يجري الاستصحاب ؛ لأنّه مع تبدّل الموضوع وتغيّره لا يكون الشكّ شكّا في البقاء ، وإنّما شكّ في الحدوث ، وهو شكّ بدوي لا حالة سابقة متيقّنة له.
ومثّل لذلك : بما إذا كنّا على يقين من نجاسة خشبة ، ثمّ بعد احتراقها وصيرورتها رمادا شككنا في نجاستها ، فهذا الشكّ ليس شكّا في بقاء نجاسة الخشبة إذ الخشبة لم تبق ، وإنّما هو شكّ في موضوع جديد وهو نجاسة الرماد ، وهذا شكّ بدوي لا حالة سابقة متيقّنة له ، فلا يجري الاستصحاب لعدم بقاء الموضوع المتيقّن.
وهذه الصياغة تسبّب الاستشكال في جريان الاستصحاب في الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة أيضا.
أمّا الاستشكال في جريانه في الشبهات الموضوعيّة فلأنّنا لو فرضنا ترتّب أثر شرعي على حياة زيد ، كبقاء العلاقة الزوجيّة أو عدم تقسيم تركته ، وكنّا على يقين من حياته فإذا شككنا في بقائه حيّا تعذّر جريان الاستصحاب هنا بناء على أنّ الركن هو بقاء الموضوع ؛ لأنّ الموضوع غير محرز.
__________________
(١) فوائد الأصول ٣ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.