والوجه في ذلك : هو أنّ زيدا عبارة عن ماهيّة والماهيّة يعرض عليها الوجود فيقال : ( زيد موجود ) ، فإذا شككنا في وجود زيد فهذا يعني أنّنا نشكّ في ماهيّته ، إذ لا بقاء للماهيّة إلا بالوجود ، فمع الشكّ في بقاء وجودها يعني أنّنا لم نحرز الماهيّة ، إذ لو كانت الماهيّة محرزة فهي موجودة فلا شكّ في بقاء وجودها ، وإذا لم تكن الماهيّة محرزة فهي غير موجودة ، فعند الشكّ في بقاء وجود الماهيّة لا يجري الاستصحاب ؛ لعدم إحراز بقاء الموضوع أي ( ماهيّة زيد ).
وبتعبير آخر : أنّ ماهيّة زيد معروضة للوجود ولا بقاء لها إلا بالوجود ، كما أنّ أصل حدوثها يكون بالوجود ، وعليه فإذا شككنا في بقاء وجودها فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم إحراز الموضوع وهو ( ماهيّة زيد ) ، إذ لو كانت ماهيّته محرزة فهي موجودة فلا شكّ في البقاء فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم توفّر الركن الثاني ، ولو كانت ماهيّته غير محرزة فهذا يعني أنّنا نشكّ في بقاء الموضوع وعدمه ، ومع الشكّ كذلك لا يجري الاستصحاب ؛ لعدم إحراز بقاء الموضوع.
وكذلك سبّبت الاستشكال أحيانا فيما إذا كان المشكوك من الصفات الثانويّة المتأخّرة عن الوجود كالعدالة ؛ وذلك لأنّ زيدا العادل تارة يشكّ في بقاء عدالته مع العلم ببقائه حيّا ، ففي مثل ذلك يجري استصحاب العدالة بلا إشكال ؛ لأنّ موضوعها وهو حياة زيد معلوم البقاء ، وأخرى يشكّ في بقاء زيد حيّا ويشكّ أيضا في بقاء عدالته على تقدير حياته ، وفي مثل ذلك كيف يجري استصحاب بقاء العدالة مع أنّ موضوعها غير محرز؟
وكذلك يرد الاستشكال بناء على أخذ بقاء الموضوع في بعض الشبهات الموضوعيّة الأخرى ، وذلك فيما إذا كان الشكّ في بقاء بعض أعراض الموضوع والماهيّة والشيء لا في أصل بقاء وجود الماهيّة والشيء.
فإذا كان لدينا يقين بعدالة زيد ـ والعدالة من الصفات الثانويّة المتأخّرة في وجودها عن وجود الماهيّة والشيء ؛ لأن الشيء يوجد أوّلا ثمّ يتّصف بالعدالة ونحوها ـ ثمّ شككنا في بقاء عدالته ، فهنا صورتان :
الصورة الأولى : أن يشكّ في بقاء عدالة زيد مع إحراز بقاء زيد على قيد الحياة ، فهنا لا إشكال في جريان الاستصحاب ؛ وذلك لإحراز بقاء الموضوع وهو حياة زيد ،