وإن لوحظ العلم بالوجوب بالقدر الصالح للتنجّز فلا علم إجمالي أصلا ، بل هناك علم تفصيلي بوجوب التسعة وشكّ بدوي في وجوب الزائد.
فالبرهان الأوّل ساقط إذن ، كما أنّ دعوى الانحلال ساقطة أيضا ؛ لأنّها تستبطن الاعتراف بوجود علمين لو لا الانحلال ، مع أنّه لا يوجد إلا ما عرفت.
الجواب الثالث : وهو الصحيح في الجواب عن دعوى وجود العلم الإجمالي المنجّز الدائر بين الأقلّ والأكثر ، وحاصله : أنّ العلم الإجمالي المدّعى إمّا أن تلاحظ فيه الخصوصيّات جميعا ، بما فيها تلك الحدود التي لا تقبل التنجيز والدخول في العهدة ولا تصلح لاشتغال الذمّة بها ، من قبيل وصفي الاستقلاليّة والإطلاق ؛ لأنّهما حدّان منتزعان ولا وجود لهما في الخارج ، وإمّا ألاّ تلاحظ فيه إلا الخصوصيّات التي تقبل التنجيز والدخول في العهدة واشتغال الذمّة.
فإن قيل بالأوّل فهذا العلم الإجمالي غير منحلّ بالعلم التفصيلي بالأقلّ ؛ لأنّه لا يحرز وجود مثل هذه الخصوصيّات في الأقلّ ؛ إذ الاستقلاليّة أو الإطلاق مشكوكان والأقلّ مردّد بينهما ، فهناك ميزة في الجامع المعلوم بالإجمال لا يحرز وجودها في المعلوم بالتفصيل ، إلا أنّ هذا العلم الإجمالي الموجود غير منجّز ؛ لأنّ الخصوصيّات المشتمل عليها والدخيلة فيه بحسب الفرض غير منجّزة ولا تصلح للتنجيز أصلا ، ولذلك لا يكون لمثل هذا العلم الإجمالي أثر ، وبالتالي يسقط عن الاعتبار إذ لا منجّزيّة له ؛ لأنّ الغرض من العلم الإجمالي إثبات التنجيز وهذا غير متحقّق في مقامنا.
وإن قيل بالثاني فالعلم الإجمالي المذكور لا وجود له ؛ وذلك لأنّ ما يقبل التنجيز والدخول في العهدة هو الأقلّ أو الأكثر ، أي التسعة أو العشرة ، وهذا معناه أننا نعلم بوجوب التسعة تفصيلا ولو ضمن العشرة ، ونشكّ في العاشر فتجري البراءة عنه ، كما هو مقتضى الدوران بين الأقلّ والأكثر.
وبهذا نثبت أنّ البرهان الأوّل ساقط ؛ لعدم وجود علم إجمالي.
ومن هنا يعرف أنّ دعوى انحلال العلم الإجمالي ساقطة أيضا ؛ لأنّ هذه الدعوى تستبطن الاعتراف بكون العلم الإجمالي الأوّل منجّز ثمّ ينحلّ بالعلم التفصيلي المذكور ، مع أنّنا أثبتنا أنّه لا وجود للعلم الإجمالي المنجّز ؛ لأنّ العلم إذا دار بين الأقلّ