والأكثر لم يكن منجّزا أصلا ؛ لأنّه عبارة عن علم تفصيلي بالأقلّ وشكّ بدوي بالأكثر.
ومنها : دعوى انهدام الركن الثالث ؛ لأنّ الأصل يجري عن وجوب الأكثر أو الزائد ولا يعارضه الأصل عن وجوب الأقلّ ؛ لأنّه إن أريد به التأمين في حالة ترك الأقلّ مع الإتيان بالأكثر فهو غير معقول ؛ إذ لا يعقل ترك الأقلّ مع الإتيان بالأكثر ، وإن أريد به التأمين في حالة ترك الأقلّ وترك الأكثر بتركه رأسا فهو غير ممكن أيضا ؛ لأنّ هذه الحالة هي حالة المخالفة القطعيّة ولا يمكن التأمين بلحاظها.
وهكذا نعرف أنّ الأصل المؤمّن عن وجوب الأقلّ ليس له دور معقول ، فلا يعارض الأصل الآخر.
الجواب الرابع : ما ذكره السيّد الخوئي من الانحلال الحكمي لهذا العلم الإجمالي ؛ وذلك لاختلال الركن الثالث من أركان المنجّزيّة ؛ إذ الأصل المؤمّن يجري لنفي وجوب الأكثر من دون معارض ، لأنّ الأصل المؤمّن لا يجري في الأقلّ ؛ لأنّ جريانه فيه غير ممكن ، بتقريب : أنّ الأصل المؤمّن عن وجوب الأقلّ إن أريد به التأمين في حالة ترك الأقلّ ولكن بشرط الإتيان بالأكثر فهذا غير معقول ؛ لأنّ الإتيان بالأكثر يستبطن الإتيان بالأقلّ فلا يعقل ترك الأقلّ حالة الإتيان بالأكثر ، فكيف يتمّ التأمين من ناحيته مع أنّه لا بدّ من الإتيان به ولا يمكن تركه تكوينا وواقعا حالة الإتيان بالأكثر؟ فيكون التأمين عنه كذلك بلا أثر وبلا فائدة ، بل غير معقول في نفسه ، ولا يمكن صدوره من الشارع.
وإن أريد بجريان الأصل المؤمّن عن الأقلّ التأمين حالة ترك الأقلّ عند ترك الأكثر أيضا ، أي أنّ المكلّف مؤمّن في ترك الأقلّ إذا ترك الأكثر أيضا ، فهذا مستحيل وغير معقول ؛ لأنّ التأمين المذكور يعني التأمين عند المخالفة القطعيّة ؛ لأنّ ترك الأقلّ وترك الأكثر معناه الوقوع في المخالفة القطعيّة.
ومن الواضح أنّ التأمين عن المخالفة القطعيّة غير معقول ، ولا يمكن صدوره من الشارع ؛ لما تقدّم في الجزء السابق من عدم إمكان الترخيص لا الواقعي ولا الظاهري في موارد العلم التفصيلي بحكم العقل ، ولا يمكن ذلك في موارد العلم الإجمالي عقلائيّا.