وقبل بيان ذلك نتعرّض لتقديم مثال من الأعراض الخارجيّة التكوينيّة ليلقي ضوءا على ما نحن بصدده ، ولذلك نقول : إنّ الحرارة تعرض على الجسم فهي العرض والجسم هو المعروض.
وللحرارة علّة توجدها كالنار أو الشمس أو الكهرباء ، فالنار مثلا علّة للحرارة فهي حيثيّة تعليليّة.
ثمّ إنّ الحرارة تتعدّد وتتكثّر في الخارج بتعدّد الأجسام التي تعرض عليها ، فكلّما وجد جسم في الخارج وتعرّض للنار أو الشمس أو الكهرباء فالحرارة تعرض عليه ، فالتعدّد يكون بلحاظ المعروض ولذلك تكون حرارة الجسم الخشبي مغايرة لحرارة الماء أو الحجر ، مع أنّ العلّة في الجميع قد تكون واحدة كالنار ، وقد تكون متعدّدة كالنار للخشب والشمس للماء.
وهذا يعني أنّ التعدّد في الحرارة لا يكون بلحاظ التعدّد في العلّة والسبب التي هي الحيثيّات التعليليّة ؛ لأنّها قد تتعدّد ولا يكون هناك تعدّد في الحرارة في الخارج ، وقد لا تتعدّد ويحصل التعدّد في الحرارة في الخارج ، فالعمدة أو السبب في حصول التعدّد هو تعدّد المعروض.
ولذلك فإذا كان لدينا ماء فأشعلنا تحته النار فتحدث فيه الحرارة ، ثمّ إذا رفعنا النار من تحته وسلّطنا عليه الشمس أو الكهرباء فالحرارة الموجودة الآن بلحاظ مرحلة البقاء مستندة إلى الشمس أو الكهرباء لا إلى النار ، ولكنّ حرارة الماء واحدة لم تتغيّر ؛ لأنّ المعروض لا يزال ثابتا لم يتغيّر ، وإنّما تغيّرت الحيثيّات التعليليّة وهي لا توجب التعدّد والتغيّر للحرارة.
وعليه فحرارة الماء حدوثا استندت إلى النار ولكنّها استندت إلى الشمس بقاء إلا أنّها حرارة واحدة مستمرّة ، أي لها حالة استمراريّة حدوثا وبقاء لا أنّها انقطعت ثمّ حدثت حرارة أخرى مكانها ، بل الحرارة التي كانت موجودة سابقا لا تزال موجودة لاحقا.
والحاصل : أنّ العرض يتعدّد بلحاظ تعدّد المعروض لا بلحاظ تعدّد العلّة والسبب والحيثيّات التعليليّة.
ونفس الشيء نقوله عن الحكم كالنجاسة مثلا ، فإنّ لها معروضا وهو الجسم