عصر الحضور بينما الموضوع المشكوك هو صلاة الجمعة في عصر الغيبة ، وهذا يعني أنّ القضيّة المتيقّنة مغايرة للقضيّة المشكوكة وليست نفسها.
كما أنّا حين نأخذ بالصياغة الأولى لهذا الركن نلاحظ أنّ موضوع الحكم عبارة عن مجموع ما أخذ مفروض الوجود في مقام جعله ، والموضوع بهذا المعنى غير محرز البقاء في الشبهات الحكميّة ؛ لأنّ الشكّ في بقاء الحكم ينشأ من الشكّ في انحفاظ تمام الخصوصيّات المفروضة الوجود في مقام جعله.
وكذلك يرد الإشكال المذكور على الصياغة الأولى لهذا الركن أي إحراز بقاء الموضوع ؛ وذلك لأنّ الموضوع عبارة عن جميع ما أخذ مفترض الوجود في عالم الجعل ، فكلّ الخصوصيّات والحيثيّات والقيود والشروط المتصوّرة في عالم الجعل كلّها دخيلة في الموضوع ، فلا بدّ من إحرازها ليتحقّق بذلك إحراز بقاء الموضوع ، وهذا يعني أنّ الشكّ في بقاء الموضوع ينشأ من الشكّ في كون هذه الخصوصيّات المفترضة في الموضوع هل هي محفوظة أم لا؟ إذ لو كانت هذه القيود والخصوصيّات كلّها محفوظة فهذا يعني إحراز بقاء الموضوع ، وبالتالي يحرز بقاء الحكم ؛ لأنّه لا شكّ حينئذ ، فلا بدّ من فرض الشكّ في كون هذه الخصوصيّات والقيود وكلّ ما أخذ في عالم الجعل وقدّر وفرض هل هو محفوظ في هذا الموضوع أم لا؟ ولذلك فإنّ الموضوع الذي كنّا على يقين من حدوث الحكم فيه غير الموضوع الذي نشكّ فيه فلا يجري الاستصحاب لعدم إحراز بقاء الموضوع ، وإذا كان هو نفسه فلا يجري الاستصحاب لعدم الشكّ.
ولأجل حلّ المشكلة المذكورة نقدّم مثالا من الأعراض الخارجيّة فنقول :
إنّ الحرارة لها معروض وهو الجسم ، وعلّة وهي النار أو الشمس ، والحرارة تتعدّد بتعدّد الجسم المعروض لها ، فحرارة الخشب غير حرارة الماء ، ولا تتعدّد بتعدّد الأسباب والحيثيّات التعليليّة ، فإذا كانت حرارة الماء مستندة إلى النار حدوثا وإلى الشمس بقاء لا تعتبر حرارتين متغايرتين ، بل هي حرارة واحدة لها حدوث وبقاء.
والتحقيق في الجواب عن الإشكال المذكور أن يقال : إنّ الاستصحاب في الشبهات الحكميّة يجري بلا إشكال ؛ لأنّ القضيّة المتيقّنة والمشكوكة واحدة أو لأنّ الموضوع لا يزال باقيا.