وجودا وعدما ـ متوقّفا على وجود تلك الحيثيّة وعدمها ، فهنا إذا كانت هذه الحيثيّة موجودة حدوثا فالمعروض موجود فالعرض ثابت له ، فإذا ارتفعت هذه الحيثيّة بقاء فهذا يعني أنّ المعروض مرتفع أيضا فيرتفع العرض ؛ لأنّ العرض لا يثبت من دون معروضه ، من قبيل نجاسة البول فإنّ النجاسة عارضة على الجسم المتّصف بالبوليّة إلا أنّ هذه الحيثيّة مقوّمة لهذا السائل ، بحيث إذا ارتفعت وصار السائل بخارا مثلا يرتفع المعروض أيضا فيرتفع العرض بارتفاع معروضه ، ولذلك فالحكم بالنجاسة الثابت للجسم المتّصف بالبوليّة مغاير ومباين للحكم بالنجاسة للجسم الذي ارتفعت عنه هذه الحيثيّة وصار بخارا ، وهذا ما يسمّى بالحيثيّة التقييديّة.
وعليه فكلّما كانت الخصوصيّة غير المحفوظة من الموضوع أو من القضيّة المتيقّنة حيثيّة تعليليّة فلا ينافي ذلك وحدة الحكم حدوثا وبقاء ، ومعه يجري الاستصحاب.
وكلّما كانت الخصوصيّة مقوّمة للمعروض كان انتفاؤها موجبا لتعذّر جريان الاستصحاب ؛ لأنّ المشكوك حينئذ مباين للمتيقّن.
وعليه : نستنتج قاعدة عامّة كلّيّة مفادها : أنّ الخصوصيّة التي كانت موجودة في الموضوع أو في القضيّة المتيقّنة إن كانت من الحيثيّات التعليليّة ، فارتفاعها لاحقا وبقاء لا يضرّ في جريان الاستصحاب ؛ لأنّ ارتفاعها لا يوجب تعدّد الحكم كما أنّ وجودها لا يوجب تعدّد الحكم أيضا ، وهذا معناه أنّ الحكم الذي كان متيقّنا سابقا هو نفس الحكم المشكوك بقاء وليس مغايرا له.
فتغيّر وتبدّل الحيثيّة التعليليّة لا يوجب التغيّر والتبدّل في الموضوع أو القضيّة المتيقّنة فيجري الاستصحاب ، وأمّا إن كانت الخصوصيّة المذكورة من الحيثيّات التقييديّة ـ بأن كانت مقوّمة للمعروض بحيث يكون وجودها سببا لوجود المعروض وارتفاعها سببا لارتفاع المعروض ـ فهنا زوال هذه الحيثيّة بقاء يوجب التغيّر والتبدّل في الموضوع أو القضيّة المتيقّنة.
فيكون المعروض المتيقّن الحكم سابقا مغايرا للمعروض اللاحق والذي يشكّ في حكمه بقاء ، ولذلك لا يجري الاستصحاب لعدم إحراز وحدة الموضوع ، أو لأنّ هذه الحيثيّة توجب كون المتيقّن غير المشكوك فلم تتّحد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.