ومن هنا يبرز السؤال التالي :
كيف نستطيع أن نميّز بين الحيثيّة التعليليّة والحيثيّة التقييديّة المقوّمة لمعروض الحكم؟
بعد أن عرفنا أنّ الحيثيّة والخصوصيّة الموجب ارتفاعها الشكّ في بقاء الحكم على نحوين :
الأوّل : الحيثيّة التعليليّة ، التي لا توجب التغيّر والتبدّل في الموضوع والقضيّة المتيقّنة والمشكوكة ، وبالتالي لا توجب التعدّد والتغيّر في المعروض فيجري الاستصحاب لتوفّر أركانه.
الثاني : الحيثيّة التقييديّة ، التي تكون مقوّمة للمعروض بحيث يكون المعروض الواجد لها مباينا للمعروض الفاقد لها ، أي أنّها توجب التغيّر والتبدّل في الموضوع والقضيّة المتيقّنة ، وبالتالي المعروض. فلا يجري الاستصحاب لاختلال ركنه الثالث.
فلا بدّ أن نعرف الضابط الذي على أساسه نميّز الحيثيّة التعليليّة عن الحيثيّة التقييديّة ، فما هو الملاك والميزان لذلك هل هو العقل أو العرف أو الشرع؟
فقد يقال بأنّ مرجع ذلك هو الدليل الشرعي ؛ لأنّ أخذ الحيثيّة في الحكم ونحو هذا الأخذ تحت سلطان الشارع ، فالدليل الشرعي هو الكاشف عن ذلك.
فإذا ورد بلسان ( الماء إذا تغيّر تنجّس ) فهمنا أنّ التغيّر اتّخذ حيثيّة تعليليّة ، وإذا ورد بلسان ( الماء المتغيّر متنجّس ) فهمنا أنّ التغيّر حيثيّة تقييديّة.
وعلى وزان ذلك ( قلّد العالم ) أو ( قلّده إن كان عالما ) ، وهكذا.
قد يقال : إنّ الضابط والميزان لتحديد كون الحيثيّة تعليليّة أو تقييديّة هو الشارع ؛ وذلك لأنّ أخذ الحيثيّة في الحكم من شئون الشارع وتحت سلطانه ؛ لأنّ الحكم الشرعي هو ذاك الاعتبار الشرعي المجعول في عالم الجعل واللحاظ على موضوعه بتمام الحيثيّات والخصوصيّات ، وكذلك بالنسبة لكيفيّة أخذ هذه الحيثيّة بنحو التعليل أو التقييد ، فإنّه أيضا راجع إلى الشارع.
وعلى هذا الأساس لا بدّ من النظر إلى الدليل الشرعي وملاحظة ما ورد في لسانه ، وهنا إذا كان لسان الدليل ـ الذي وردت فيه هذه الحيثيّة ـ بنحو الشرط أو جزء الموضوع ، فهذا يعني أنّ الحيثيّة الواردة فيه قد أخذت بنحو الحيثيّة التعليليّة ، كما إذا