يكون بلحاظ الخروج عن عهدة التكليف عند الشكّ في أنّ هذا مصداق للمكلّف به أو ذاك ، وثالثة يكون بلحاظ تحقيق الغرض المطلوب من التكليف.
ومقامنا من القسم الثالث من الشكّ في المحصّل ، وتوضيحه :
أوّلا : أنّ التكليف كما يدخل في العهدة وتشتغل به الذمّة كذلك يدخل في العهدة الغرض ؛ لأنّ كلّ تكليف فيه غرض بناء على ما هو الصحيح عند مذهب العدليّة من أنّ الأحكام الشرعيّة كلّها تابعة للمفاسد والمصالح في متعلّقاتها ، وفي مقامنا حيث إنّ التكليف معلوم ولو إجمالا فيدخل في العهدة ، فكذلك الغرض معلوم ويدخل في العهدة.
والواجب هنا وإن كان مردّدا بين الأقلّ والأكثر إلا أنّه على كلا التقديرين يعلم بوجود الغرض المولوي واشتغال الذمّة به.
وثانيا : أنّ الغرض يجب تحصيله كما أنّ التكليف يجب تحصيله أيضا ، وذلك على أساس حكم العقل بحقّ الطاعة ولزوم الامتثال ، فإنّ هذا الحكم لا يختصّ بالتكليف ، بل يشمل الغرض المطلوب من التكليف أيضا ، فالغرض واجب إذن فيجب تحصيله أيضا.
وثالثا : أنّ هذا الغرض الواجب تحصيله بحكم العقل ليس مردّدا بين الأقلّ والأكثر كما هو حال التكليف ، فإنّ التكليف مردّد بين الأقلّ والأكثر والأقلّ معلوم تفصيلا والأكثر مشكوك بدوا فتجري عنه البراءة.
بينما الغرض شيء واحد لا ترديد فيه ولا إجمال ، وهذا الغرض الواحد يشكّ في تحقّقه وحصوله بالأقلّ ؛ لأنّه لا يعلم هل يتحقّق بالأقلّ أو أنّه يتحقّق بالأكثر.
وبكلمة أخرى : أنّ الواجب مركّب من أجزاء لا يعلم هل هي تسعة أو عشرة؟ فيكون الواجب مردّدا بين الأقلّ والأكثر ، إلا أنّ الغرض ليس مركّبا بل هو بسيط ، وهذا يعني أنّ الأمر يدور بين وجوده أو عدمه أي أنّه هذا الغرض البسيط والواحد هل يوجد بالأقلّ أو يوجد بالأكثر؟
ورابعا : إنّ المورد ما دام من موارد الشكّ في المحصّل بلحاظ الغرض ، وما دام هذا الغرض واحدا وبسيط أولا يعلم بتحققه عند الإتيان بالأقلّ ، إذ بمجرّد الإتيان بالأقلّ لا يعلم بفراغ الذمّة يقينا وخروجها عن عهدة الغرض ، فلا بدّ من الاحتياط والإتيان بالأكثر ؛ لأنّه هو الذي يؤدّي إلى فراغ الذمّة يقينا من الغرض.