وإن أريد بالاستصحاب إثبات اللوازم العقليّة وإثبات الآثار الشرعيّة المترتّبة عليها بأن كان المنظور من إثبات اللوازم العقليّة هو التوصّل إلى إثبات الآثار الشرعيّة المترتّبة عليها ، كأن يفرض وجود حكم شرعي مترتّب على نبات اللحية كأن يقال : ( إذا كان لزيد لحية فيجب التصدّق ) ، فهذا معقول في نفسه ، إذ لا محذور في أن يعبّدنا الشارع بثبوت مثل هذا الأثر المترتّب على اللازم العقلي ؛ لأنّ الثبوت للأثر ولموضوعه ظاهري ادّعائي لا حقيقي.
إلا أنّ دليل الاستصحاب قاصر عن إفادة ذلك على المسالك الثلاثة المتقدّمة في تفسير التعبّد الاستصحابي.
أمّا على المسلك الأوّل القائل بالتنزيل للمشكوك منزلة المتيقّن فواضح ؛ لأنّ التنزيل من الشارع إنّما يكون بلحاظ الآثار التي تقع تحت سلطان الشارع بما هو شارع ، وهذا يفترض كون الآثار المراد التنزيل بلحاظها آثارا شرعيّة كالحكم وموضوعه ؛ لأنّها هي التي يمكن للشارع التنزيل بلحاظها ؛ لأنّها أحكامه هو.
وأمّا الآثار واللوازم العقليّة فهي من أحكام العقل لا الشرع ، ولا معنى لأن يعبّدنا الشارع بثبوت الآثار العقليّة ؛ لأنّها خارجة عن نطاق التشريع ، فيكون هناك قصور من ناحية هذه الآثار العقليّة ؛ لأنّ الملاحظ في التنزيل كون المنزّل مشرّعا ، فيكون هناك انصراف لبّي في دليل الاستصحاب عن اللوازم العقليّة واختصاصه باللوازم الشرعيّة فقط.
وأمّا على المسلك الثاني القائل بأنّ الاستصحاب مفاده التعبّد ببقاء اليقين بالحالة السابقة ، فالمستفاد منه كما تقدّم أنّ الحالة السابقة هي المنجّزة ؛ لأنّها هي التي تعلّق بها اليقين دون غيرها ، فما يثبت هو الحالة السابقة فقط دون الآثار مطلقا ؛ لأنّها ليست متعلّقة لليقين الاستصحابي ؛ لأنّ متعلّقه هو الموضوع المستصحب.
وأمّا الآثار فهي متعلّقة لليقين المتولّد من اليقين بالمتعلّق والموضوع ، إلا أنّ ثبوت اليقين التعبّدي بالمتعلّق لا يلزم منه ثبوت اليقين التعبّدي بالآثار ؛ لأنّ الملازمة تكوينيّة واقعيّة وهي لا تثبت بالتعبّد.
نعم ، قلنا : إنّ الآثار الشرعيّة المباشرة وكذا الآثار الشرعيّة غير المباشرة التي تكون الواسطة فيها شرعيّة يمكن إثباتها بما تقدّم من تحقّق موضوع الحجّيّة والمنجّزيّة ، حيث