إنّ الجعل معلوم وجدانا والموضوع أي الصغرى تثبت بالاستصحاب ؛ لأنّه يثبت تمام الموضوع للأثر المباشر وجزء الموضوع للأثر غير المباشر.
وأمّا الآثار واللوازم العقليّة فلا يتحقّق فيها موضوع المنجّزيّة لا بتمامه ولا بجزئه ؛ لأنّ استصحاب الموضوع المتيقّن ليس هو تمام الموضوع للأثر العقلي ، وليس أيضا جزء الموضوع له.
فمثلا استصحاب حياة زيد ليست هي تمام الموضوع لوجوب التصدّق وليست جزء الموضوع له أيضا ؛ لأنّ وجوب التصدّق موضوعه نبات اللحية لا حياة زيد ، ونبات اللحية لم يثبت بالاستصحاب ؛ لأنّ اليقين لم يتعلّق بها ، وإنّما هي ثابتة بالملازمة العقليّة والتي لا يقين بها.
وأمّا على المسلك الثالث القائل بأنّ الاستصحاب مفاده التعبّد بالجري العملي على طبق اليقين بلحاظ كاشفيّته عن المتعلّق ؛ لأنّ النقض ليس حقيقيّا بل عمليّا ، فأيضا لا تثبت اللوازم العقليّة ولا آثارها الشرعيّة ، لما تقدّم من أنّ موضوع الأثر الشرعي هو نبات اللحية في المثال والتي هي لازم عقلي ، وهذا اللازم العقلي لا يقين به مباشرة ، وإنّما اليقين متعلّق بحياة زيد ، وهي ليست تمام الموضوع ولا جزأه ، فلا يكون اليقين التعبّدي بحياة زيد يقينا تعبّديّا بنبات لحيته أيضا ؛ لأنّ الملازمة بينهما تكوينيّة واقعيّة وهي لا تثبت بالتعبّد.
وعلى هذا الأساس يقال : إنّ الأصل المثبت غير معتبر ، بمعنى أنّ الاستصحاب لا تثبت به اللوازم العقليّة للمستصحب ، ولا الآثار الشرعيّة لتلك اللوازم.
والحاصل ممّا تقدّم : أنّ الأصل المثبت غير معتبر ولا يكون حجّة في إثبات اللوازم العقليّة لا هي نفسها ولا آثارها الشرعيّة المترتّبة عليها.
أمّا عدم ثبوتها هي نفسها فقط فلأنّه لغو ولا فائدة من التعبّد بها كما تقدّم.
وأمّا عدم ثبوت لوازمها الشرعيّة أيضا ، فلأنّ دليل الاستصحاب قاصر عن الشمول لها ؛ لأنّها ليست متعلّقة لليقين ، وليس المستصحب تمام الموضوع ولا جزأه بالنسبة لها ؛ لأنّ تمام موضوعها هو اللازم العقلي ، وهو لا يثبت تعبّدا بالاستصحاب ؛ لأنّه لا يقين به.
ولا ملازمة أيضا بين اليقين التعبّدي بالمستصحب واليقين التعبّدي بآثاره العقليّة ؛ لأنّ الملازمة واقعيّة تكوينيّة مترتّبة على اليقين الوجداني فقط.