نعم ، إذا كان لنفس الاستصحاب لازم عقلي كحكم العقل بالمنجّزيّة مثلا فلا شكّ في ترتّبه ؛ لأنّ الاستصحاب ثابت بالدليل المحرز فتترتّب عليه كلّ لوازمه الشرعيّة والعقليّة على السواء.
وهنا يوجد استثناءان من عدم حجّيّة الأصل المثبت أو اللوازم العقليّة :
الأوّل : لم يذكره هنا لوضوحه وهو فيما إذا كان اليقين متعلّقا باللازم العقلي من أوّل الأمر ثمّ شكّ في بقائه ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب لإثبات بقائه تعبّدا.
كما إذا كنّا على يقين من نبات لحية زيد ثمّ شككنا في بقائها ، وكان هناك أثر شرعي مترتّب عليها فيجري استصحابها ويترتّب الأثر الشرعي ؛ لأنّه أثر شرعي للمؤدّى المستصحب.
وكما إذا كنّا على يقين بأنّ هذا الماء متّصف بالكرّيّة ثمّ شككنا في بقاء اتّصافه بها بعد أخذ مقدار يسير منه ، فيجري استصحاب بقاء اتّصافه بالكرّيّة ويترتّب عليه الحكم الشرعي بالاعتصام وعدم الانفعال بمجرّد الملاقاة ، خلافا لما إذا كنّا على يقين بوجود كرّ فاستصحبنا أصل وجود الكرّ ، فإنّ إثبات اتّصاف الماء بالكرّيّة يكون لازما عقليّا كما تقدّم ؛ لأنّ المتيقّن مفاد ( كان ) التامّة ، والمراد إثباته مفاد ( كان ) الناقصة وهي لازم عقلي.
الثاني : ما ذكره الشهيد هنا وهو : أن يكون اللازم العقلي مترتّبا على نفس التعبّد الاستصحابي أي لنفس الاستصحاب لا للمستصحب ، كحكم العقل بالمنجّزيّة والحجّيّة ، فإنّ هذا الحكم العقلي مترتّب وثابت لنفس الاستصحاب فيقال :
الاستصحاب حجّة ومنجّز ومعذّر ، فإذا جرى الاستصحاب في مورد ثبتت المنجّزيّة أو المعذّريّة التي هي حكم عقلي ، وصار هذا الشيء المستصحب حجّة ومنجّزا أو معذّرا.
وهذه المنجّزيّة ليست من الآثار العقليّة للمستصحب نفسه ؛ لأنّ حياة زيد ليست من آثارها التكوينيّة المنجّزيّة كما هو واضح ، وإنّما المنجّزيّة من الآثار العقليّة التي يحكم بها العقل عند إحراز الحكم الشرعي أو موضوعه ، فهي حكم عقلي منصبّ على نفس الحكم.
وعليه فيكون هذا اللازم العقلي ثابتا ؛ لأنّه مترتّب على الاستصحاب نفسه ،