الفعلي؟ فالمجعول مردّد بين فترة طويلة وفترة قصيرة ، وكلّما كان المجعول مردّدا كذلك كان الجعل مردّدا لا محالة بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ جعل النجاسة للفترة القصيرة معلوم وجعل النجاسة للفترة الإضافيّة مشكوك.
وأمّا الشكّ في الحكم بلحاظ عالم المجعول فمعناه أنّ الحكم بلحاظ عالم الجعل معلوم وثابت ولا يشكّ في إلغائه ونسخه ، وإنّما يشكّ في حدود المجعول والمنشأ به أي المقدار الذي جعله الشارع وأنشأه.
فمثلا يعلم المكلّف بأنّ الشارع قد جعل الحكم بالنجاسة على الماء المتغيّر ، ولكنّه لا يدري حدود هذا الجعل والمقدار المنشأ شرعا ، فهل هذا الجعل يشمل الماء المتغيّر حتّى بعد زوال التغيّر من نفسه ، أو أنّه يختصّ بحال التغيّر فعلا؟ وهذا الشكّ والترديد ليس في أصل الجعل والحكم بالنجاسة ، وإنّما هو بلحاظ مقدار المجعول سعة وضيقا.
فالمجعول مردّد بين الفترة الطويلة التي هي الحكم بالنجاسة إلى ما بعد التغيّر أيضا ، وبين الفترة القصيرة وهي الحكم بالنجاسة في فترة التغيّر الفعلي ، فقط ، وهذا معناه أنّ المجعول مردّد بين الأقلّ والأكثر ؛ لأنّ جعل النجاسة في الفترة القصيرة معلوم ، ويشكّ في المقدار الزائد وهي فترة زوال التغيّر من قبل نفسه.
ففي النحو الأوّل من الشكّ ـ إذا كان ممكنا ـ يجري استصحاب بقاء الجعل.
وأمّا في النحو الثاني من الشكّ فيوجد استصحابان متعارضان :
أحدهما : استصحاب بقاء المجعول أي بقاء النجاسة في الماء بعد زوال التغيّر مثلا ؛ لأنّها معلومة حدوثا ومشكوكة بقاء.
والآخر : استصحاب عدم جعل الزائد أي عدم جعل نجاسة الفترة الإضافيّة مثلا ، لما أوضحناه من أنّ تردّد المجعول يساوق الشكّ في الجعل الزائد.
وهذان الاستصحابان يسقطان بالمعارضة ، فلا يجري استصحاب الحكم في الشبهات الحكميّة.
أمّا النحو الأوّل من الشكّ أي الشكّ في الحكم بلحاظ عالم الجعل ، فيجري استصحاب عدم جعل الحكم بلا إشكال فيما إذا كان الشكّ في أصل الجعل والتشريع ، وأمّا إذا كان الشكّ في النسخ بمعناه الحقيقي فيجري استصحاب عدم النسخ أيضا على القول بأنّ النسخ بمعناه الحقيقي ممكن ، حيث يوجد معنيان للنسخ