الماء يوجد أوّلا ثمّ يتغيّر ثمّ يزول عنه التغيّر ، فهناك طولية بين الحصّتين في عمود الزمان.
وبما أنّ أركان الاستصحاب تامّة لوجود يقين بحدوث النجاسة وشكّ في بقائها ، والقضيّة المتيقّنة والمشكوكة واحدة للطوليّة بين الحصّتين في الخارج ، فيجري استصحاب بقاء المجعول الفعلي ، أي النجاسة الفعليّة الثابتة للماء الموجود في الخارج.
إذا النحو الأوّل من استصحاب المجعول يتمّ فيما إذا كان الموضوع موجودا فعلا في الخارج.
وأمّا إذا لم يكن الموضوع موجودا فعلا في الخارج بل كان مفروض ومقدّر الوجود ، فلا يجري استصحاب المجعول الفعلي ؛ لأنّ الالتفات إلى الموضوع في عالم الجعل واللحاظ المولوي يعني أنّ الموضوع كلّي فيكون الحكم الثابت له كلّيّا أيضا ، وهذا يعني أنّ الحكم المراد استصحابه وهو الحكم المجعول الفعلي لا يقين بحدوثه ؛ لأنّ اليقين بحدوثه إنّما يتحقّق إذا وجد الموضوع فعلا في الخارج لا ما إذا كان مفترض الوجود ، ولذلك فلا يجري الاستصحاب بهذا اللحاظ.
ومن هنا نعرف أنّ استصحاب المجعول الفعلي إنّما هو من شئون المكلّف لا من شئون المجتهد.
وبيانه : أنّ الماء المتغيّر فعلا يعلم به من كان لديه ماء متغيّر فعلا وهو المكلّف ، ثمّ يزول هذا التغيّر فعلا ، والذي يكون امتدادا للماء الأوّل.
وأمّا المجتهد الذي يستنبط الأحكام الشرعيّة فهو يفترض وجود الماء المتغيّر ، ويفترض وجود الماء الذي زال عنه التغيّر ، أي أنّه يفترض الحصّتين معا ، وهاتان الحصّتان موجودتان معا في عالم الافتراض والتقدير ، وليست إحداهما امتدادا للأخرى ، ولذلك لا تكون القضيّة المتيقّنة والقضيّة المشكوكة واحدة ؛ لأنّهما موجودتان في عرض واحد ، ولذلك لا يتمكّن المجتهد من إجراء استصحاب الحكم المجعول الفعلي ، وإنّما يفتي المكلّف بإجراء هذا الاستصحاب اذا تمّت أركانه عنده.
وهذه النتيجة التي نحصل عليها مخالفة للوجدان العرفي والفقهي ، حيث إنّه يرى أنّ إجراء الاستصحاب بلحاظ الحكم المجعول الفعلي حقّ للمكلّف وللمجتهد معا ، فكما يحقّ للمجتهد أن يجري الاستصحاب في الشبهات الحكميّة التي يكون