الاستصحاب ، فإنّ هذا البناء يعتبر دليلا على تماميّة أركان الاستصحاب بحقّ الفقيه.
وهذا النحو هو المراد من استصحاب بقاء المجعول الذي أراده السيّد الخوئي ، حيث أبرز له استصحابا آخر معارضا له وهو استصحاب عدم الجعل لهذا الحكم الكلّي.
غير أنّه قد يستشكل في النحو المذكور بدعوى : أنّ المجعول الفعلي التابع لوجود موضوعه له حدوث وبقاء تبعا لموضوعه ، وأمّا المجعول الكلّي فليس له حدوث وبقاء ، بل تمام حصصه ثابتة ثبوتا عرضيّا آنيّا بنفس الجعل بلا تقدّم وتأخّر زماني.
وهذا يعني أنّا كلّما لاحظنا المجعول على نهج كلّيّ لم يكن هناك يقين بالحدوث وشكّ في البقاء ليجري الاستصحاب. فأركان الاستصحاب إنّما تتمّ في المجعول بالنحو الأوّل لا الثاني.
وقد أشرنا سابقا (١) إلى هذا الاستشكال وعلّقنا عليه بما يوحي بإجراء استصحاب المجعول على النحو الأوّل ، غير أنّ هذا كان تعليقا مؤقّتا إلى أن يحين الوقت المناسب.
إلا أنّ المحقّق العراقي استشكل على إجراء الاستصحاب بالنحو الثاني بدعوى عدم تماميّة أركانه.
وتوضيح ذلك : أنّنا إذا لاحظنا المجعول الفعلي أي الحكم الجزئي فهذا تابع لفعليّة موضوعه ، والفعلية تكون بلحاظ عالم الخارج ، فلا بدّ من وجود ماء في الخارج يتّصف بالتغيّر ثمّ يزول عنه التغيّر ، فإذا اتّصف بالتغيّر فعلا ثبت له الحكم بالنجاسة ، وهذا حكم جزئي لكون موضوعه جزئيّا ، وإذا زال التغيّر شككنا في بقاء هذا الحكم فيجري استصحابه لتماميّة أركان الاستصحاب فيه من اليقين بحدوث هذا الحكم الجزئي والشكّ في بقائه ، ووحدة القضيّة المتيقّنة والمشكوكة ؛ لأنّ الوحدة إنّما تصدق فيما إذا كان الشكّ شكّا في البقاء والذي يعني كون الحصّة الثانية امتدادا للحصّة الأولى ، وهذا يفترض الطوليّة بين الحصّتين ، فلكي يصدق الشكّ في البقاء لا بدّ من فرض الطوليّة في الزمان بين القضيّتين ، وهذا حاصل في موارد استصحاب المجعول الفعلي الجزئي.
__________________
(١) تحت عنوان : الشبهات الحكميّة في ضوء الركن الثاني.