يكون هناك حدوث وبقاء ؛ لأنّ هذا الجعل إمّا أن يوجد في نفس الاعتبار والتشريع أو لا يوجد.
وأمّا إذا نظرنا إلى القضيّة بالحمل الأوّلي أي بما هي حاكية عن هذه المفاهيم ، فهذه المفاهيم موجودة في الخارج ، وفي الخارج يكون هناك ماء ثمّ يتّصف بالتغيّر ثمّ يزول عنه التغيّر ، ولذلك يكون هناك حدوث وبقاء ؛ لأنّ الحصص توجد في طول بعضها فتكون الثانية امتدادا واستمرارا وبقاء للأولى.
ومن هنا كان الاستصحاب تامّ الأركان بلحاظ القضيّة المجعولة بالحمل الأوّلي دون الحمل الشائع.
والمستفاد من دليل الاستصحاب تطبيقه على ما يفهمه العرف ، والعرف إنّما يجري الاستصحاب بلحاظ الحمل الأوّلي ؛ لأنّه يفهم القضيّة المجعولة بما هي حاكية عن المفاهيم بوجوداتها الخارجيّة ، ولا يفهم القضيّة المجعولة بما هي موجودة في واقعها أي نفس عالم الاعتبار والتشريع.
وممّا يدلّ على ذلك أنّ نفس المفصّل لم يدّع أنّ الاستصحاب غير تامّ الأركان ، وإنّما ادّعى أنّه يجري ولكنّه يسقط بالمعارضة.
إذا اتّضح ذلك فنقول لشبهة المعارضة بأنّه في تطبيق دليل الاستصحاب على الحكم الكلّي في الشبهة الحكميّة لا يعقل تحكيم كلا النظرين ؛ لتهافتهما.
فإن سلّم بالأخذ بالنظر الثاني تعين إجراء استصحاب المجعول ، ولم يجر استصحاب عدم الجعل الزائد ، إذ بهذا النظر لا نرى جعلا ومجعولا ولا أمرا ذهنيّا ، بل صفة لأمر خارجي لها حدوث وبقاء.
وإن ادّعي الأخذ بالنظر الأوّل فاستصحاب المجعول بالنحو الثاني الذي يكون من شأن المجتهد إجراؤه لا يجري في نفسه ، لا أنّه يسقط بالمعارضة.
والجواب عن شبهة المعارضة أن يقال : إنّ دليل الاستصحاب عند تطبيقه على الحكم الكلّي في الشبهات الحكميّة يحتمل فيه ثلاثة احتمالات :
الأوّل : تطبيق دليل الاستصحاب على الحكم الكلّي بلحاظ الحمل الأوّلي والحمل الشائع معا ، وهذا مستحيل ؛ لأنّه يؤدّي إلى التناقض والتهافت ، إذ لا يمكن الجمع بين هذين اللحاظين معا ؛ لأنّ الملحوظ في أحدهما هو نفس الشارع بينما الملحوظ في