لأنّه إنّما يشكّ به بلحاظ النسخ وهذا مقطوع العدم فلا شكّ في البقاء ، ولا في المجعول الفعلي ؛ لأنّه لم يكن متيقّن الحدوث ؛ إذ الحرمة لم تكن فعليّة بحسب الفرض المذكور ، ولا في نفس القضيّة الشرطيّة التعليقية ؛ لأنّها ليست موضوعا للأثر الشرعي التنجيزي أو التعذيري.
وإنّما ما هو موضوع الأثر هو القضيّة الحقيقية أي الحكم المجعول على نهج القضيّة الحقيقيّة ؛ لأنّه بهذا اللحاظ يكون أمرا مجعولا من الشارع فيصحّ التعبّد ببقائه ، وأمّا الحكم المجعول على نهج القضيّة الشرطيّة فهو أمر عقلي تحليلي انتزاعي ، وليس موضوعا للأثر التنجيزي أو التعذيري ؛ لأنّه ليس مجعولا للشارع.
وعلى هذا الأساس ذهبت مدرسة الميرزا إلى عدم جريان الاستصحاب في الحكم المعلّق في نفسه ، إمّا لعدم تماميّة الأركان أو لعدم الفائدة منه.
وقد يجاب على ذلك بجوابين :
أحدهما : أنّا نستصحب سببيّة الغليان للحرمة ، وهي حكم وضعي فعلي معلوم حدوثا ومشكوك بقاء.
والردّ على هذا الجواب : أنّه إن أريد باستصحاب السببيّة إثبات الحرمة فعلا ، فهو غير ممكن ؛ لأنّ الحرمة ليست من الآثار الشرعيّة للسببيّة ، بل من الآثار الشرعيّة لذات السبب الذي رتّب الشارع عليه الحرمة.
وإن أريد بذلك الاقتصار على التعبّد بالسببيّة فهو لغو ؛ لأنّها بعنوانها لا تصلح للمنجّزيّة والمعذّريّة.
وأجيب على الاعتراض المذكور بجوابين :
الجواب الأوّل : أنّا نجري الاستصحاب بلحاظ السببيّة التي هي حكم وضعي كالشرطيّة والمانعيّة والجزئيّة ، وهي واقعة تحت سلطان الشارع جعلا ووضعا ، فيقال :
إنّ سببيّة الغليان للحرمة معلومة حدوثا عند ما كان العنب رطبا ، والآن بعد أن صار جافّا نشكّ في بقاء هذه السببيّة فيجري استصحابها. هذا ما ذكره الشيخ الأنصاري.
ويرد عليه : أنّ استصحاب السببيّة إن أريد به إثبات الحرمة الفعليّة فهذا من الأصل المثبت ؛ لأنّ الحرمة من اللوازم العقليّة وليست من اللوازم الشرعيّة للسببيّة ؛ لأنّ الشارع جعل الحرمة على الغليان بنحو القضيّة الحقيقيّة ، والعقل بالتحليل ينتزع عنوان السببيّة