ومجرّد استصحاب الحكم المشروط لا يثبت فعليّة المشروط عند تحقّق الشرط ، أي أنّ استصحاب الحرمة المشروطة بالغليان إلى ما بعد جفاف العنب لا يثبت لنا فعليّة الحرمة فيما إذا تحقّق الغليان لهذا العنب الجافّ.
والوجه في ذلك : أنّ استصحاب الحرمة المشروطة يثبت لنا بقاء هذه الحرمة المشروطة على تقدير الغليان فقط ، وأمّا صيرورة هذه الحرمة فعليّة فهذا لا يثبت بالاستصحاب وإنّما يثبت على أساس الملازمة العقليّة بين هذه الحرمة المشروطة وبين تحقّق الشرط في الخارج ، فإنّه إذا تحقّق الشرط في الخارج وغلى العنب الجافّ ، حكم العقل بحرمته ، فتكون الحرمة فعليّة على أساس حكم العقل لا على أساس الاستصحاب.
وبتعبير آخر : أنّ ما يثبت لنا باستصحاب الحرمة المشروطة إلى ما بعد الجفاف هو بقاء هذه الحرمة ، وحينئذ فإن اقتصرنا على ذلك لم يكن الاستصحاب جاريا ؛ لأنّ الحرمة المشروطة ليس لها أثر تنجيزي أو تعذيري فيكون التعبّد بها لغوا.
وإن أردنا من استصحابها التوصّل إلى فعليّة الحرمة عند تحقّق الغليان ، فهذا وإن كان معقولا إلا أنّ فعليّة الحرمة لازم عقلي لاستصحاب بقاء الحرمة المشروطة ؛ لأنّ العقل هو الذي يحكم بالحرمة الفعليّة فيما إذا تحقّق الغليان فيما بعد.
وأمّا الشارع فهو حكم بالحرمة على تقدير الغليان للعنب ، ولذلك لو كان لدينا عنب وغلى تثبت الحرمة الفعليّة ؛ لأنّها مجعولة من الشارع.
وأمّا هنا فلا يوجد لدينا عنب غلى وإنّما يوجد لدينا عنب جافّ أي ( الزبيب ) ، وهذا العنب الجافّ لا يعلم من الشارع جعل الحرمة له على تقدير الغليان ، وإنّما ثبت بالاستصحاب بقاء الحرمة المشروطة ، والاستصحاب لا يثبت أكثر من هذا المقدار أي بقاء الحرمة المشروطة ، وأمّا صيرورة هذه الحرمة فعليّة عند تحقّق الغليان لهذا العنب الجافّ فهي من حكم العقل ، فيكون من الأصل المثبت.
ونلاحظ على ذلك :
أوّلا : أنّه يكفي في التنجيز إيصال الحكم المشروط مع إحراز الشرط ؛ لأنّ وصول الكبرى والصغرى معا كاف لحكم العقل بوجوب الامتثال.
والجواب على الاعتراض الثاني :