للعنب الجافّ ، فهي حرمة معلّقة على الغليان ، وهذا معناه أنه بعد صيرورة العنب جافّا ثبت لنا حلّيّته الفعليّة المنجّزة ولكن قبل غليانه ، أي أنّه ما دام لم يتحقّق الغليان فهذه الحلّيّة ثابتة للعنب الجافّ ، وكذلك تثبت لنا حرمته المعلّقة على الغليان ، ولا يلزم التعارض بينهما ؛ لأنّه قبل الغليان ليس لدينا إلا الحلّيّة ؛ لأنّ قيد الحرمة لم يتحقّق ، وبعد الغليان ليس لدينا إلا الحرمة لتحقّق قيدها وارتفاع الحلّيّة لانتهاء أمدها بتحقّق الغاية.
وبهذا يظهر أنّه يمكن الأخذ بالاستصحابين معا ؛ لأنّهما لن يجتمعا معا وبالتالي لن يحصل التعارض بينهما.
ونلاحظ على ذلك : أنّ الحلّيّة التي نريد استصحابها هي الحلّيّة الثابتة بعد الجفاف وقبل الغليان ، ولا علم بأنّها مغيّاة لاحتمال عدم الحرمة بالغليان بعد الجفاف ، فنستصحب ذات هذه الحلّيّة.
ويرد عليه : أنّ الحلّيّة الفعليّة التي يدّعى معارضتها لاستصحاب الحرمة التعليقيّة ليست هي الحلّيّة الثابتة للعنب حينما كان رطبا ، بل هي الحلّيّة الثابتة للعنب بعد أن جفّ وصار زبيبا ؛ وذلك لأنّ الحلّيّة الثابتة للعنب الرطب يعلم كونها مغيّاة بالغليان ، وأمّا حلّيّة العنب بعد جفافه فهذه لا يعلم كونها مغياة بالغليان ، إذ من المحتمل أن تكون هذه الحلّيّة مطلقة حتّى بعد الغليان.
فلو أريد استصحاب الحلّيّة قبل الجفاف فهي حلّيّة مغيّاة يقينا ، وأمّا إن أريد استصحاب الحلّيّة بعد الجفاف وقبل الغليان فهي حلّيّة فعليّة ومنجّزة ولا يعلم كونها مغيّاة ، ولذلك يرد الإشكال من ناحية استصحاب الحلّيّة الثابتة بعد الجفاف ؛ لأنّها منجّزة وفعليّة ولا يعلم كونها مغيّاة فتتعارض مع استصحاب الحرمة التعليقيّة.
فإن قيل : إنّ الحلّيّة الثابتة قبل الجفاف نعلم بأنّها مغيّاة ، ونشكّ في تبدّلها إلى الحلّيّة غير المغيّاة بالجفاف ، فنستصحب تلك الحلّيّة المغيّاة المعلومة قبل الجفاف.
فإن قيل : لا يوجد لدينا إلا حلّيّة واحدة هي حلّيّة العنب قبل جفافه وقبل غليانه ، وهذه الحلّيّة يعلم كونها مغيّاة بالغليان ؛ لأنّ هذا العنب الرطب لو غلى لحرم ، فحلّيّته الفعليّة مقيّدة ومغيّاة بالغليان ، ثمّ بعد جفاف هذا العنب وصيرورته زبيبا وقبل غليانه