للجامع بين الحكمين ، وأخرى بالنسبة للجامع بين الموضوعين ، فالكلام في الجهة الأولى يقع في مقامين :
أمّا في باب الأحكام فالاعتراض ينشأ من المبنى القائل بأنّ المجعول في دليل الاستصحاب هو الحكم المماثل للمستصحب ، فيقال حينئذ : إنّ المستصحب إذا كان هو الجامع بين الوجوب والاستحباب أو بين وجوبين اقتضى ذلك جعل المماثل له بدليل الاستصحاب ، وهو باطل ؛ لأنّ الجامع بحدّه لا يعقل جعله ؛ إذ يستحيل وجود الجامع إلا في ضمن فرده ، والجامع في ضمن أحد فرديه بالخصوص ليس محطّا للاستصحاب ليكون مصبّا للتعبّد الاستصحابي.
المقام الأوّل : في بيان الإشكال على جريان استصحاب الكلّي بين الحكمين ، فإذا علم بوجوب الجمعة أو الظهر أو علم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو استحبابه ، فالجامع على الأوّل هو كلّي الوجوب وعلى الثاني هو كلّي الطلب أو الإرادة أو المحبوبيّة.
وعليه فإذا بنينا على أنّ المجعول في دليل الاستصحاب هو الحكم المماثل للمستصحب ـ والذي هو أحد المسالك في تفسير حقيقة الحكم الظاهري ـ كان المفاد بدليل التعبّد الاستصحابي هو جعل المماثل لهذا الجامع ظاهرا ، وهذا باطل.
والوجه في بطلانه هو أنّه :
إن أريد من جعل المماثل إثبات بقاء الجامع بحدّه الجامعي أي بعنوانه الخاصّ من دون النظر إلى وجوده ضمن الأفراد فهذا مستحيل ؛ لأنّ الجامع لا يوجد أصلا مستقلاّ عن الفرد فكيف يبقى بدونه؟!
وإن أريد منه إثبات بقائه ضمن أحد فرديه فهو معقول ، إلا أنّه لا يثبت بالتعبّد الاستصحابي ؛ لعدم تماميّة أركان الاستصحاب ، إذ لا علم بحدوث هذا الفرد بخصوصه ولا ذاك ، فكيف يجري استصحاب بقاء الجامع ضمن الفرد؟
والحاصل : أنّ إثبات بقاء الجامع مستقلاّ عن الفرد مستحيل ؛ لأنّ الجامع يستحيل وجوده من دون الفرد.
وإثبات بقاء الجامع ضمن الفرد وإن كان معقولا ، إلا أنّه لا يقين بوجود الفرد بخصوصه فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم تماميّة أركانه.