وإثبات بقاء الجامع ضمن أحد الفردين على الترديد محال أيضا ؛ لأنّه لا وجود لأحد الفردين بهذا العنوان ، كما تقدّم سابقا من أنّ الفرد المردّد بمفهومه وبواقعه لا وجود له.
وهذا الاعتراض يتوقّف على قبول المبنى المشار إليه ، أمّا إذا أنكرناه وفرضنا أنّ مفاد دليل الاستصحاب إبقاء اليقين بمعنى من المعاني فيمكن افتراض إبقائه بقدر الجامع ، فيكون بمثابة العلم الإجمالي المتعلّق بالجامع.
والجواب : أنّ هذا الإشكال وارد على مسلك جعل الحكم المماثل ، وأمّا إذا أنكرنا هذا المسلك كما هو الصحيح ، وبنينا على أنّ المجعول هو إبقاء اليقين بأحد المعاني الثلاثة المتقدّمة فلا يتمّ هذا الإشكال.
فلو قلنا : إنّ المجعول في الاستصحاب هو إبقاء اليقين بمعنى تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن ، أو قلنا : إنّ المجعول هو إبقاء اليقين بمعنى أنّ الشاكّ كالمتيقّن ، أو قلنا : إنّ المجعول هو إبقاء اليقين بلحاظ الجري العملي ، فهذا الإشكال لا يرد ؛ لأنّه يمكن للشارع إبقاء اليقين بلحاظ الجامع من جهة العلميّة والطريقيّة كما هي مقالة الميرزا ، حيث يكون مفاد الاستصحاب التعبّد ببقاء اليقين فالشاكّ عنده كالمتيقّن ، وكذا يمكن إبقاؤه بلحاظ الجامع من جهة المعذّريّة والمنجّزيّة والأثر العملي ، لو كان المفاد هو إبقاء اليقين بلحاظ الأثر العملي.
ويحتمل أن يراد من عبارة ( بمعنى من المعاني ) الإشارة إلى المسالك في حقيقة الحكم الظاهري عموما لا إلى خصوص دليل الاستصحاب ، فيكون المقصود حينئذ أنّه تارة نقول إنّ المجعول في الحكم الظاهري هو العلميّة والطريقيّة ، وأخرى نقول : إنّ المجعول هو المنجّزيّة والمعذّريّة ، وثالثة نقول : إنّ المجعول فيه هو إبراز شدّة الاهتمام المولوي.
فإنّه على هذه المسالك كلّها يمكن التعبّد الاستصحابي بلحاظ الجامع ؛ إذ يعقل التعبّد بالعلم بلحاظ الجامع أو التعبّد بالمنجّزيّة والمعذّريّة بلحاظ الجامع أو إبراز شدّة الاهتمام بلحاظ الجامع.
فيكون التعبّد الاستصحابي بلحاظ الجامع على هذه المسالك كالعلم الإجمالي المتعلّق بالجامع ، فإنّه يكون منجّزا لمقدار الجامع فقط دون الأفراد. وكذلك الحال هنا