يكون الاستصحاب منجّزا لمقدار الجامع فقط دون الأفراد بلا فرق بينهما ، فإذا صحّ هناك يصحّ هنا أيضا.
وأمّا في باب الموضوعات : فالاعتراض ينشأ من أنّ الأثر الشرعي مترتّب على أفراد الجامع لا على الجامع بعنوانه ، فلا يترتّب على استصحابه أثر.
المقام الثاني : في بيان الإشكال الوارد على استصحاب الجامع بين الموضوعين ، فإذا علم مثلا بوجود زيد أو عمرو في المسجد فيعلم بوجود كلّي الإنسان ، فإذا شكّ في بقائه جرى استصحابه ، إلا أنّ هذا الاستصحاب للكلّي ما ذا يراد به؟
فإن أريد به إثبات الكلّي بعنوانه الخاصّ من دون النظر إلى الأفراد ، فهذا وإن كان يجري فيه الاستصحاب ، إلا أنّ المفروض أنّ الأحكام الشرعيّة إنّما تنصبّ على الموضوعات والطبائع والماهيّات بما هي حاكية عن الخارج لا بما هي موجودة في الذهن.
وهذا يعني أنّ الأثر الشرعي المفروض ترتّبه على هذا الاستصحاب إنّما هو للإنسان الموجود في الخارج لا للإنسان الموجود في الذهن ، وعليه فاستصحاب كلّي الإنسان بما هو كذلك يعني النظر إلى الإنسان بما هو موجود في الذهن لا الخارج ، وهو بهذا اللحاظ ليس موضوعا للأثر الشرعي فلا يجري استصحابه.
وإن أريد به إثبات الكلّي بما هو موجود في الخارج ، فمن الواضح أنّ الكلّي في الخارج لا يوجد مستقلاّ عن الفرد ؛ إذ لا وجود للإنسان في الخارج إلا في أفراده ، فإذا نظر إلى الخارج فلا يرى إلا الفرد لا الإنسان ، فيكون الاستصحاب من استصحاب الفرد وهو لا يقين بحدوثه فلا يجري.
وحاصل الإشكال : أنّ الاستصحاب إنّما يجري لو كان هناك أثر شرعي على المستصحب.
وفي مقامنا المستصحب هو الكلّي والطبيعي والماهيّة ، وهي ليست موضوعا للأثر الشرعي بما هي موجودة في الذهن ، بل بما هي موجودة في الخارج ، وما هو موجود في الخارج إنّما هو الفرد لا الطبيعي ، فاستصحاب الكلّي لا يجري لا بنفسه وعنوانه ؛ لأنّه لا أثر شرعي له. ولا بوجوده الخارجي ؛ لأنّ الكلّي في الخارج موجود ضمن الفرد وهو لا يقين بحدوثه.