والجواب : أنّه إن أريد أنّ الحكم الشرعي في لسان دليله مترتّب على العنوانين التفصيليّين للفردين فيرد عليه : أنّا نفرض الحكم فيما إذا رتّب في لسان الدليل على عنوان الجامع بين الفردين ، كحرمة المسّ المرتّبة على جامع الحدث.
والجواب عن هذا الإشكال أن يقال أوّلا : ما ذا يراد من عدم ترتّب الأثر الشرعي على الجامع؟
فإن كان المراد أنّ الجامع لم يرد في الأدلّة الشرعيّة أثر يترتّب عليه أصلا ، وإنّما الآثار الشرعيّة كلّها مترتّبة على الأفراد بعنوانها التفصيلي ، ولذلك لا يجري الاستصحاب بلحاظه. فهذا واضح البطلان ؛ لأنّ بعض الأحكام الشرعيّة مترتّبة على نفس عنوان الكلّي والجامع دون الأفراد ، كما هو الحال في حرمة مسّ المصحف وكلماته المترتّبة على نفس عنوان الحدث الكلّي ، لا على الحدث الأصغر بعنوانه ولا على الحدث الأكبر كذلك.
وإن سلّم ترتّب الحكم في دليله على الجامع وادّعي أنّ الجامع إنّما يؤخذ موضوعا بما هو معبّر عن الخارج لا بما هو مفهوم ذهني ، فلا بدّ من إجراء الاستصحاب فيما أخذ الجامع معبّرا عنه ومرآة له وهو الخارج ، وليس في الخارج إلا الفرد.
وإن كان المراد أنّ الجامع يمكن أن يؤخذ في لسان الدليل موضوعا للأثر ، ولكنّه إنّما يؤخذ كذلك بما هو مرآة وحاك عن الخارج لا بما هو مفهوم في الذهن ؛ لأنّ الأحكام الشرعيّة تترتّب على ما في الذهن بقصد التوصّل إلى الخارج ، إذ لو كانت مترتّبة على ما في الذهن بقيد الوجود الذهني لم يكن هناك باعثيّة ومحرّكيّة في الخارج.
وعليه فالمقصود من إجراء الاستصحاب للجامع كونه معبّرا وكاشفا وحاكيا عن الخارج ، والحال أنّ الموجود في الخارج ليس إلا الفرد لا الجامع ؛ لأنّه لا وجود للكلّي في الخارج مستقلاّ عن الفرد ، وإنّما وجوده بوجود الأفراد ، والفرد لا يقين بحدوثه فلا يجري الاستصحاب.
فيرد عليه : أنّ موضوع الحكم وإن كان هو الجامع والمفهوم بما هو مرآة للخارج لا باعتباره أمرا ذهنيّا ، إلا أنّ الاستصحاب يجري في الجامع بما هو مرآة للخارج أيضا ، ولا معنى لجريانه في الخارج ابتداء بلا توسّط عنوان من العناوين ؛ لأنّ