الواقع الخارجي بمشخّصاته جرى استصحاب الفرد دون الكلّي ، وإن كان منصبّا عليه على إجماله جرى استصحاب الكلّي دون الفرد.
وعلى هذا الضوء يتّضح أنّ التفرقة بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي لا تتوقّف على دعوى التعدّد في الواقع الخارجي ، وأنّ للكلّي واقعا وسيعا منحازا عن واقعيّات الأفراد ـ على طريقة الرجل الهمداني في تصوّر الكلّي الطبيعي ـ وهي دعوى باطلة ؛ لما ثبت في محلّه من أنّ الكلّي موجود بعين وجود الأفراد.
وبما ذكرناه من تفسير لحقيقة الكلّي يتّضح بطلان التفسيرات الأخرى المدّعاة وهي :
التفسير الأوّل الكلّي الهمداني : والمقصود به أنّ الكلّي الطبيعي له وجود مستقلّ عن وجود أفراده لا في عالم الخارج ، بل في عالم آخر ، وله وجود مع أفراده في الخارج أيضا ، ويقال : إنّ هذا الرجل الهمداني قد ادّعى رؤية الإنسان الكلّي يمشي في جبال همدان.
فعلى هذا المسلك تكون نسبة الكلّي إلى أفراده كنسبة الأب الواحد إلى أبنائه المتعدّدين ، أي أنّه موجود مستقلّ عن الأفراد بوجود منحاز في واقعه وعالمه.
وبالتالي يتمّ تخريج استصحاب الكلّي من دون إشكال ؛ وذلك لأنّ الكلّي موجود في نفسه لا في أفراده لكي يشكل بأنّه لا يقين بالحدوث.
إلا أنّ أصل هذا المبنى باطل وفاسد لما تقدّم في مباحث الكلّي من الحكمة من أنّ الكلّي لا وجود له إلا ضمن أفراده ، فنسبته إليها نسبة الآباء إلى الأبناء فكلّ أب مختصّ بابن موجود بوجوده.
كما أنّه لا موجب لإرجاع الكلّي في مقام التفرقة المذكورة إلى الحصّة ، ودعوى أنّ كلّ فرد يشتمل على حصّة من الكلّي ومشخّصات عرضيّة ، واستصحاب الكلّي عبارة عن استصحاب ذات الحصّة ، واستصحاب الفرد عبارة عن استصحاب الحصّة مع المشخّصات ، بل الصحيح في التفرقة ما ذكرناه.
التفسير الثاني الكلّي برأي المحقّق العراقي : والمقصود به الحصّة الموجودة مع الفرد ، فإنّ كلّ فرد موجود في الخارج يشتمل على الحصّة من الجامع ، ويشتمل على الخصوصيّات والمشخّصات التي تميّزه عن غيره من الأفراد.