وبما ذكرناه ظهر الفارق الحقيقي بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي ، مع أنّ التوجّه في كلّ منهما إلى إثبات واقع خارجي واحد حيث إنّ الكلّي موجود بعين وجود الفرد.
وهذا الفارق هو أنّ الاستصحاب باعتباره حكما منجّزا وموصّلا للواقع فهو إنّما يتعلّق به بتوسّط عنوان من عناوينه وصورة من صوره ، فإن كان مصبّ التعبّد هو الواقع المرئي بعنوان تفصيلي مشير إليه فهذا استصحاب الفرد ، وإن كان مصبّه الواقع المرئي بعنوان جامع مشير إليه فهذا هو استصحاب الكلّي ، على الرغم من وحدة الواقع المشار إليه بكلا العنوانين.
والذي يحدّد إجراء الاستصحاب بهذا النحو أو بذاك كيفيّة أخذ الأثر الشرعي في لسان دليله.
وأمّا الفارق بين استصحاب الفرد واستصحاب الكلّي فقد ظهر ممّا تقدّم ، وحاصله : أنّ الاستصحاب بما أنّه حكم شرعي فلا بدّ أن يتعلّق بالعنوان الحاكي عن الخارج ، غير أنّ العنوان الذي كان مصبّ الاستصحاب تارة تكون حكايته عن الخارج حكاية تفصيليّة وأخرى تكون حكاية إجماليّة.
فإن كانت حكايته تفصيليّة ، فهذا معناه أنّ العنوان الذي كان مصبّا للاستصحاب يشير إلى الواقع المرئي به إشارة تامّة تفصيليّة بكلّ خصوصيّاته ومشخّصاته التي يتميّز بها عن غيره.
وإن كانت حكايته إجماليّة ، فهذا يعني أنّ العنوان الذي كان مصبّا للاستصحاب يشير إلى الواقع المرئي به إشارة إجماليّة عنوانيّة لا نظر فيها إلى المشخّصات والخصوصيّات.
وهذا يعني أنّ الفارق بينهما هو في كيفيّة الإشارة إلى الواقع المرئي بهما.
ولكنّهما مع ذلك يشتركان في حكايتهما عن الواقع الخارجي ، فالواقع الخارجي واحد فيهما بمعنى أنّهما يحكيان عنه ، ولكنّهما يختلفان في كيفيّة هذه الحكاية من حيث التفصيل والإجمال أو الوضوح في الرؤية والغموض فيها.
وأمّا أنّه متى يجري استصحاب الفرد أو استصحاب الكلّي؟
فهذا يرتبط بالأثر الشرعي وكيفيّة أخذه في لسان الدليل ، فإنّه إن كان منصبّا على