شبهة انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين
بقي علينا أن نشير إلى أنّ ما اخترناه وإن كان قريبا جدّا من القول الثالث الذي ذهب إليه صاحب ( الكفاية ) ، غير أنّه ـ قدّس الله نفسه ـ قد فسّر موقفه واستدلّ على قوله ببيان يختلف بظاهره عمّا ذكرناه ، إذ قال : ( بأنّ استصحاب عدم الكرّيّة إنّما لا يجري في حالة الجهل بالزمانين ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ).
تنبيه : هذا التنبيه يعقده السيّد الشهيد لبيان الشبهة التي ذكرها صاحب ( الكفاية ) وهي التي تسمّى بشبهة انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين.
وحاصله أن يقال : تقدّم أنّ الصحيح عندنا هو عدم جريان استصحاب بقاء عدم الكرّيّة في صورة الجهل بالزمانين وصورة العلم بزمان ارتفاع عدم الكرّيّة ، وأمّا في صورة الجهل بزمان الارتفاع مع العلم بزمان الملاقاة ، فلا مانع من جريان الاستصحاب ، وهذا كان رأي صاحب ( الكفاية ) ولكنّنا نختلف معه في بعض النقاط والشقوق كما ذكرنا آنفا.
إلا أنّ هناك فارقا آخر بين مختارنا ومختار صاحب ( الكفاية ) ، فإنّه ذهب إلى مختاره بناء منه على أنّ عدم جريان الاستصحاب في صورة الجهل بالزمانين كان لأجل انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين حيث قال : ( إنّ استصحاب عدم الكرّيّة إنّما لا يجري في حالة الجهل بالزمانين ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ) بخلاف ما ذكرناه نحن من توجيه عدم جريان الاستصحاب في هذه الحالة ؛ لأنّه إما يكون من الأصل المثبت أو من باب نقض اليقين باليقين ولو احتمالا ، ولهذا يمكننا جعل ضابطة عامّة وهي : أنّ زمان الارتفاع إذا كان أوسع من زمان التردّد جرى الاستصحاب بخلاف ما إذا كان مساويا أو أقلّ.