وعلى كلّ حال فقد وقع كلامه محلاّ للأخذ والردّ بينهم ، نتيجة الاختلاف في تفسير مراده من ذلك ، وهنا يوجد تفسيران لكلامه ، أو بتعبير آخر يوجد توضيحان لتطبيق كلامه على صورة الجهل بالزمانين ، وإلا فإن ثبت كون الزمانين منفصلين تماما فلا معنى لجريان الاستصحاب ، ولذلك فالكلام إنّما هو في الصغرى والتطبيق ، بمعنى أنّ انفصال الزمانين هل هو متحقّق في محلّ كلامنا أو لا؟
وقد فسّر هذا الكلام بما يمكن توضيحه كما يلي :
إذا افترضنا أنّ الماء كان قليلا قبل الزوال ثمّ مرّت ساعتان ، حدثت في إحداهما الكرّيّة وفي الأخرى الملاقاة للنجاسة ، فهذا يعني أنّ كلاّ من حدوث الكرّيّة والملاقاة معلوم في إحدى الساعتين بالعلم الاجمالي ، فهناك معلومان إجماليّان وإحدى الساعتين زمان أحدهما والساعة الأخرى زمان الآخر.
وعليه فالملاقاة المعلومة إذا كان قد حدثت في الساعة الثانية فقد حدثت الكرّيّة المعلومة في الساعة الأولى ، واستصحاب عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة على هذا التقدير يعني أنّ زمان الشكّ الذي يراد جرّ عدم الكرّيّة إليه هو الساعة الثانية ، وزمان اليقين بعدم الكرّيّة هو ما قبل الزوال ، وأمّا الساعة الأولى فهي زمان الكرّيّة المعلومة إجمالا.
وهذا يؤدّي إلى انفصال زمان اليقين بعدم الكرّيّة عن زمان الشكّ فيه بزمان اليقين بالكرّيّة ، وما دام هذا التقدير محتملا فلا يجري الاستصحاب ؛ لعدم إحراز اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين.
التفسير الأوّل لكلام صاحب ( الكفاية ) : ففي مثال الكرّيّة والملاقاة نقول : إذا علمنا بعدم الكرّيّة أو بقلّة الماء عند الزوال ، ثمّ مرّت ساعتان على الزوال حصل فيهما الكرّيّة والملاقاة ولكنّنا لا نعلم متى حصلت كلّ واحدة منهما؟ فالكرّيّة والملاقاة معلومتان ولكن تاريخهما مجهول ، فإحدى الساعتين زمان للكرّيّة والساعة الأخرى زمان للملاقاة ، وهذا معلوم إجمالا ؛ لأنّه لا يعلم الزمان بالتحديد.
وفي مثل هذه الحالة يوجد لنا احتمالان :
الأوّل : أن يكون زمان الملاقاة في الساعة الأولى بعد الزوال وزمان الكرّيّة في الساعة الثانية ، فهنا استصحاب عدم الكرّيّة أو القلّة المعلومة يقينا قبل الزوال وعنده